الفشل في العمل الحر موجع. وبالتأكيد لا يفهم مقدار هذ الوجع إلا من جرَّب وذاق طعم ومرارة الفشل. قد لا يكون اختيار الموضوع كأول تدوينة أكتبها في موقعي متفائل جداً. ولكن السبب الحقيقي وراء رغبتي الحقيقية في كتابتها هو موقف حصل لي خلال الأسابيع السابقة. موقف قد لا يكون ذا أهمية كبيرة لك عزيزي القارئ ولكن صدقني حين أقول لك. بأن المواقف التي تواجهها يومياً في طريقك لبناء مشروعك ستجعلك ترغب في الفضفضة والتحدث عن المشاكل والأمور التي لم يخطر ببالك أبداً أنك ستضطر لمواجهتها.
سأكتفي الآن بالكلام عن نفسي وسأدخل في الموضوع مباشرة. تُساهم في فشل مشروعك في العمل الحر خمسة أسباب. بعض هذه الأسباب قاتلة. والبعض الآخر أسباب يؤدي تكرارها الى ممارسات خاطئة. ولكن من وجهة نظري الشخصية. السبب الحقيقي و الأوحد لفشل المشاريع هو التوقف. التوقف هو السبب القاتل لأي فكرة عمل حر. أو حتى لأي مشروع سواء تجاري، خيري ، أو حتى السعي لمكانة وظيفية أفضل. توقفك عن المحاولة سيكون أسوأ خيار بإمكانك اتخاذه في أي وقت. اذكر هنا بعض الأسباب المصاحبة للتوقف علماً بأني سأعود للتحدث عن التوقف في نهاية المقال.
لنتحدث الآن عن ماذا أقصد بمشروعك في العمل الحر؟
وُجدت وثيقة العمل الحر لتكون القانون المُنظم للمشاريع القائمة على الانترنت. هذه المشاريع تتمثّل في مواقع شخصية لأصحاب المواهب و الحِرف و الخبرة و صانعي المحتوى. تُتيح لهم وثيقة العمل الحر بيع خدماتهم و منتجاتهم سواء كانت منتجات رقمية أو منتجات عينية بكل سهولة وبطريقة نظامية و محوكمة من قِبل منصة العمل الحر. و بالتأكيد بامكان حاملي الوثيقة استخراج شهادة معروف و فتح حساب تجاري مرتبط بالوثيقة.
ولماذا خصّصت مقالتي هنا فقط عن العمل الحر؟. لأن هذا مجال تخصُصي و هذا ما أعمل عليه و هذا ما أكتب عنه في موقعي الشخصي. وأتمنى حقيقة أن يستفيد من المحتوى الذي أنشره على موقعي كل سعودي وسعودية مهتمين بهذا الموضوع. خصوصاً أنني هنا سأتحدث بشكل مُتخصص عن القوانين و تجربتي في بناء مشروع على الإنترنت ولكن يستهدف بلدي و موطني.
خمسة أسباب تُعرّض مشروعك في العمل الحر للفشل، وهي:
١-إذا كنت تعتمد على منصة واحدة فقط للتسويق
في حال كان مشروعك قائم بالكامل على الانترنت. سواء موقعك الشخصي او على وسائل التواصل الاجتماعي. فإن وجود منصة واحدة فقط للتسويق قد يفقدك الكثير. خصوصاً لو كان ٩٠٪ من عملائك مثلاً يأتون من منصة واحدة. وبقية المنصات تتوزع عليها العشرة الباقية. و للأسف هذا ما حصل معي شخصياً أثناء التسويق للبرنامج التدريبي ” كيف تبني مشروع عمل حر ناجح؟”. والذي سيكون التسجيل له متاح قريباً باذن الله. فجأةً، قرَرَت انستقرام ان تلغي حسابي، في وسط الحملة التسويقية لهذه الورشة. و في الحقيقة انا اعلم جيداً بأن ٩٠٪ -ان لم يكن اكثر -هم أصلاً من الانستقرام و الباقي يأتي من خلال البودكاست و المدونة.
ولكن من أكثر القرارات الجيدة التي اتخذتها في الفترة السابقة. هي تكوين مجموعة بريدية استطيع من خلالها التواصل من خلالها لمتابعيني عن قرب. و لذلك حين اختفى الانستقرام استطعت التواصل سريعاً معهم. عن طريق البريد الالكتروني و أوضحت لهم ما حدث لحساب الإنستقرام. – للانضمام للمجموعة البريدية اضغط هنا– و لاحظت ايضاً أهمية التركيز على محتوى المجموعة البريدية. يجب ان يكون قيِّم و محفز و جاذب خصوصاً بأني شخصياً أُحب ان يكون عملي وجهدي مناسب لتطلعات متابعيني. كل شيء اقدمه لابد ان يكون ذا قيمة عالية
نصيحتي لك، عدّد منصات التسويق بدرجة تستطيع من خلالها تقديم محتوى قيّم لمتابعينك، ولكن لا تعددها بشكل كبير حتى لا تواجة صعوبة صناعة المحتوى و يصبح الأمر جهد كبير من غير فائدة
٢- إذا كانت رسالتك غير واضحة
اذا لم تجد أي عميل يشتري خدمتك او منتجك. غالباً يكون السبب في عدم وضوح رسالتك وبأن رسالتك لم تصل الى عملائك. و لم يشعروا بحاجتهم لخدمتك او منتجك. وهذا الأمر بالذات قد يفقدك الكثير والكثير من العملاء. لأن وضوح رسالتك التسويقية في أذهان عملائك و وضوح القيمة التي يحصلوا عليها من خلال خدمتك او منتجك من أهم الأسباب التي تدفع عملائك انهم يخرجوا البطاقة البنكية ويقرروا الشراء. وخصوصاً شعورهم انك تتفهّم احتياجاتهم و بأنك افضل . من يخدمهم في السوق يجب ان يتعرف عملائك المحتملين على القيمة الحقيقية الي تقدمها لهم. ويجب ان تصل لهم تلقائياً من خلال منصات التسويق التي اخترتها لتسويق مشروعك. وهذه من أهم الاساسيات التي أُعلّمها من خلال ورشة “كيف تبني مشروع عمل حر ناجح” و التي ستكون متاحة باذن الله قريباً
٣- منتجك او الخدمة ليس لها حاجة في السوق
اختبار المنتج او الخدمة هي أهم مرحلة يمر عليها مشروعك، والسبب هو اختبار حاجة الناس لخدمتك و هل عليها طلب خصوصاً لو كانت الظروف المتغيرة التي نعيشها حالياً تعزز من ضمور الطلب على هذا المنتج او هذه الخدمة. و لذلك استثمر القليل من المال و اختبر دافعية الناس للشراء و اختبر احتياجهم. قد لا يتطلب الأمر تغيير المنتج او الخدمة بالكامل ولكن يتطلب تغيير بسيط في النموذج التجاري و خطة المشروع
٤- لم تستثمر المال والجهد
استثمار الجهد والمال من أهم العناصر الأساسية ليصل مشروعك الى مرحلة الاستقرار .في الدخل و الاستقرار في تحصيل العملاء. يجب ان تستثمر جهد كبير في بناء مشروعك خصوصاً في المراحل الأولى. سيكون الجهد مضاعف وساعات عمل لاتنتهي وهذا طبيعي جداً. بالاضافة الى التسويق المستمر. فقط ليدخل مشروعك في دائرة الوعي و يصبح لديك قاعدة من المتابعين المهتمين في ما تقدمه. يتمحور جهدك في بداية مشروعك على منتجك أو خدمتك وخلق القيمة التي تميّزك عن منافسيك. بالاضافة الى التسويق المستمر اللانهائي والذي سيستمر معك طوال فترة حياة مشروعك
استثمار المال امر حتمي، و يأتي تعزيزاً لجودة خدمتك او منتجك و لخطتك التسويقية. الهدف من استثمار المال هو بناء الأصول الاساسية التي تساعدك على توليد الدخل و يأتي الدخل ليتحول الى جزء منه يعتبر دخل يعود لتغطية التكاليف و استثمار للتوسع. و دخل يتعبر الربح الصافي لك من مشروعك. ولكي تدور هذه العجلة بشكل جيد وممتاز تحتاج الى الكثير من الصبر و المال والجهد. ان لم تكن مستعد لبذل هذا كله. فأنت غير مستعد لبناء مشروع تجاري
٥-التوقف أسرع طريق للفشل
التوقف يعني قتل المشروع، سواء كان التوقف عن بذل الجهد، او عن الاستثمار او عن البيع، او حتى عن صناعة المحتوى والتسويق. والتوقف يأتي غالباً نتيجة ان التوقعات التي يضعها صاحب المشروع منذ البداية لم يتحقق اياً منها. فإما كانت توقعات صاحب المشروع أكبر من امكانيات المشروع الحالية، او أن العمليات الأساسية للمشروع لم تتوائم مع خطط صاحب العمل الحر. ولذلك يجب ان تكون توقعاتنا لمشاريعنا واقعية و غير خيالية. لن تستطيع ان تصل الى دخل كبير من السنة الأولى لمشروعك. ماعدا لو كانت لديك التجربة المسبقة ،والعلاقات، ولديك الموارد لبدء هذا المشروع
جميعنا يرغب في بناء مشاريع تجارية تحقق لنا الاكتفاء المعنوي والمادي، و نتمنى ان نحققها بجهد اقل، وبموارد اقل، وفي اقصر وقت ممكن. والكثير من عناوين مواقع التواصل الاجتماعي تروج لهذه الفكرة الغير واقعية. الواقع دائماً يقول بأن التركيز، الاستمرار الاصرار، بذل الجهد والمال. ومواجهة مشاكل المشروع مهما كانت ستحقق لك مشروع قوي بأساس متين تستطيع من خلاله تحقيق الثراء في حياتك. استمتعوا برحلة بناء مشاريعكم و لا تستعجلوا النتائج، ستأتي النتائج في وقتها و ستكون رائعة
اصنع محتوى ايضاً في انستقرام و في البودكاست على ساوندكلاود و ابل