كُنْت أعتقد أنني إذا عمِلْت في مجال شغفي سأكون سعيدة و راضية للأبد. وسأعمل فيما أحب طوال أيام الأسبوع و لن أشعر بالملل ابداً.
لأكون صادقة معكم، في البدايات شعرتْ أنني في نعيم حقيقي. و كان الحماس يصل لأعلى المستويات. حتى الأعمال الروتينية التي أكرهها كانت جميلة في عيّنيْ. و لكن بعد فترة من الزمن بدأتْ أُدرك أنني أعمل باستمرار وبدون توقفْ. و لكن الفرق هو أنني أُحب عملي.
هذا الإدراك في حد ذاته غيّرْ مفهوم أساسي لديْ، و هو أن العمل فيما تُحب يبقى عملاً. ولكنه من الأعمال التي تتأقلم مع أسوأ مافيها. ولن تُمانع بقضاء ساعات طويلة على أعمال مُملّة و مُجهدة. لأنك تعرف النتيجة ستكون رائعة.
هل نفقد الحماس أحياناً؟
العمل في شغفك ليس من أنواع السعادة الأبدية كما يُصوّرها لك البعض. و لن تكون سهلة كما يزعم الكثير. و لكنْ شعورك بالرضا يكون أقوى، لأنك تسعى لخلق التغيير الذي ترغب في رؤيته اليوم في العالم. و لأن رسالتك أصبحت أقوى و ذات معنى عميق لك شخصياً. و أصبحت ترى النتائج بمنظور مُختلف.
هل معنى ذلك أننا نفقد الحماس في بعض الأحيان؟ أعتقد نعم. حين تكون في وسط المعمعة والتعب والإرهاق و الشعور بقفلة الإبداع، تنسى سببك الحقيقي الذي يدفعك يومياً للعمل في مشروعك. ولذلك تحتاج أن تُذكّر نفسك باستمرار.
خمسة نصائح للفريلانسرز:
الشغف يستمر لفترة طويلة و الحماس شعور يومي. نحتاج لهذا الشعور حتى نستطيع التقدُم و الإستمرار. و هناك بعض النصائح التي أرى أنها تُساعدك في استمرار هذا الشعور لفترات أطول. و لأن دوّامة المشاعر السلبية قد تتملّكنا لأيام. يجب أن نتعلّم كيف نواجهها و كيف نتصرف لنخطف أنفسنا من وطئتها السيئة علينا.
خذ هذه النصائح من مُجرّب:
١- لا تنجح لوحدك
اعمل مع فريلانسر آخرين و احصد النتائج الجيدة لهذه التعاونات. الجميع يفوز حين تتْحد الأيادي. بالتأكيد سيتطلب منك الأمر الإستعداد لمحاولة فتح أبواب التعاون بالتحدث مع الفريلانسر الآخرين وقد تتعرّض للرفض في بعض الأحيان. ولكن لا تُغلق على نفسك الباب. واسمح للآخرين مشاركة النجاح معك.
٢- لا تسعى للمثالية
لا تكُن المثالية أحد أهدافك، لأنك ستتعب نفسياً وبدنياً وذهنياً. يجب أن يتجاوز الإنجاز الإتقان في كثير من الأحيان. تقديم الإنجاز سيجعلك تتقدم أكثر و أسرع. و تتعلّم إدارة وقتك بشكل جيد.
في وقتٍ ما مضى. كان يستغرقني كتابة مقال مثل هذا جلستين متفرقة. حالياً تعلمْت تقليص الجهد والوقت للكتابة. و بالتكرار يتعلّم الشُطّار. المثالية تجعلك تتوقفْ و تتردد و تتسائل. هل المحتوي جيد كفاية؟ … الخ.
اقتل شبح المثالية بكثرة الإنجاز، لأن كثرة الإنجاز ستأخذك بالضرورة للإتقان.
٣- ركّز على ما تملك الآن
لاحظ أننا نُركّز اهتمامنا دائماً على النتائج، وهي ليست في أيدينا. لذلك حين تُحدّد أهدافك اجلعها مُرتبطة بمهام وأعمال تستطيع التحكُّم بها.
مثلاً: أنت تستطيع الإلتزام بجدول نشر محتوى. وتستطيع الإلتزام بالتواصل مع عملائك; و لكن لا تستطيع التحكُم بعدد المتابعين لمحتواك. ولا تستطيع التحكّم بالعملاء المتجاوبين معك.
و ستشعر بالاحتراق والإحباط إن لم تحصُل على ما لاتملك في الوقت الحالي.
٤- كُنْ جاهلاً دائماً
كُنْ باحثاً عن المعرفة أين ما كانت. و لا تعتقد أنك وصلتْ لمستوى معين من المعرفة. لأن التوقف عن النمو قاتل. مجرّد إطلاعك المستمر على المستجدات من حولك. و التحوّل الرقمي الرهيب الذي نُعاصره اليوم. سيجعلك تشعر بأنك أجهل الجاهلين.
بالنسبة لي شخصياً لا أفقه شيئاً في لُغة البرمجة. وأنا اعرف جيداً أننا على أعتاب عصر يتطلب من الجميع تعلّم لغات البرمجة و البلوك شين و الميتافرس و الـ NFT’s
وهذه التكنولوجيا قد تُغير شكل صناعة المحتوى في المستقبل. و لذلك لابد أن نكون مستعدين لهذا التغيير. بالاضافة الى المهارات المطلوبة في حرفتك في مهارتك في تخصصك. لاحظ أن المنافسة تزداد. والتجديدات في طُرق خدمة العملاء متنوعة و تتجدد يومياً. لذلك كُنْ على إطلاع دائماً بها.
٥- كُن حاضراً للأشواط الطويلة
يتحرّى الكثير من الفريلانسر النجاح و العوائد المُجزية في كل لحظة وكل ساعة. و ينسى أن الأمر قد يتطلب منك العمل لسنتين و ثلاثة حتى ترى بوادر فعلية لنجاحك.
قياس آدائك و آداء مشروعك وجدوى عملك بشكل مُستمر مُتعب جداً. لا يجب أن تضع نفسك في هذه الدوامة لأنها مُحرِقة.و قد لا يكون النمو السريع من صالحك أصلاً. لأن النمو السريع يتطلب مجاراة توقعات فئة عريضة من الناس. قد لا تكون هذه الفئة عملائك الذين هم بحاجة لخدماتك.
وأخيراً:
كتبتْ هذه النصائح من واقع تجربتي، وأعرف ان هذه الأفكار صنعتْ فارق لدي في طريقة تفكيري ورؤيتي لمشروعي. لولا هذه الأفكار، لكنْت توقفت منذ زمن عن العمل بسبب الإحباط و الغضب من نفسي.
أشعر بالسعادة حين أكتب عن زيادة الإنتاجية والعمل الحر. لأنها من أكثر المواضيع التي تحتوي على توقعات و آراء غير واقعية أبداً. الجميع يرغب في النجاح و الجميع يبحث عن النجاح السريع بدون جهد و تعب. بالرغم أنهم مُتيقنين أن النجاح السريع يختفي بسرعة مثلما أتى بسرعة.