قررت أكتب عن العادات اليومية للفريلانسرز لأنها إما تكون داعمة و مُساندة لك أو تكون مُثبطة و مُحبطة و تُبعدك كل البعد عن أهدافك. من خلال تجربتي، إن استطعت جعل عاداتك اليومية تدور حول تنمية مشروعك و إنجاز أعمالك بشكل مُنظم و مُرتب. ستكون هذه العادات سبب بعد الله سُبحانه وتعالى في تُقدُمك ونجاحك.
مثلاً، عاداتنا اليومية في شهر رمضان المبارك تختلف عن باقي الشهور. و تتحول إلى عادات تدور حول فترتي الصيام و الإفطار. و نستطيع بسهولة تقسيم عاداتنا اليومية بين هذه الفترتين. ففي النهار نُنجز أعمالنا و نهتم بأمورنا الحياتية التي لا يُمكن إنجازها خلال المساء، وبدون جُهد جسدي كبير حتى لا نتعب. و في المُقابل، تتمحور عاداتنا في المساء حول العائلة و الطعام (السحور والفطور) و الراحة و الإسترخاء والعبادة والرياضة. لأننا ببساطة نستطيع تناول الطعام في هذه الفترة. و بالتالي فإننا نُركّز على إنجاز أعمالنا التي تتناسب مع الفترة المسائية.
يوضّح المثال لك تماماً كيف تُدير عاداتك اليومية كفريلانسر حتى تتمكّن من الوصول لأهدافك سريعاً. كُل ما عليك فعله كصاحب عمل حر هو تنظيم وقتك و تهيئة بيئتك ( منزلك، مكتبك، مكان عملك) ليُساندك في إنجاز أعمالك بكل راحة و سهولة.
هذا ما فعلته حين بدأت مشروعي في العمل الحر. اخترتْ أن تكون مساحة عملي داعمة لي و مُيسرة حتى أُنجز أعمالي وأنا مرتاحة و بدون أي ضغوط. لأنني أؤمن بأن نظافة وترتيب مساحة العمل هي ذات أولوية قُصوى لدي.
تابعني على إنستقرام و اطّلعْ على تنظيم مكتبي ومساحة العمل الخاصة بي.
العادات اليومية والمهمة لكل فريلانسرز:
قد تكون النقاط التي أذكرها بديهية ومعروفة. ولكن صدقني أن هذه العادات تصنع فارق عجيب في إنتاجيتك اليومية. ستجد نفسك أكثر راحة و هدوء وثقة وأنت ُتنجز أعمالك. و لا نُهمل أن هذه العادات ستجعلك تُعامل مشروعك بكل جدية و استحقاق.
أولاً: جدولة وكتابة المهام باستمرار.
تعلّمتْ خلال السنتين الماضيتين أن كتابة المهام يومياً باستخدام الورقة والقلم من أفضل الطُرق المناسبة لي شخصياً في تتبُّعْ إنجازي اليومي و الأسبوعي. إسأل نفسك، كم عدد المهام التي رغِبتْ في إنجازها داخل مشروعك و بعد مدة قصيرة تنساها و تبتعد احتمالات إنجازها يوماً بعد يوم؟
ولذلك فإن أفضل طريقة لمتابعة أهدافك و أعمالك و مهامك التي تهدف إلى إنجازها. هي أن تستخدم الدفتر والقلم وتكتب هذه المهام يومياً. و في حال أنك لم تستطع إنجاز أياً منها تنتقل هذه المهام تلقائياً لليوم التالي.
تبدأ و تستفتح عملك بالاطلاع على مهام اليوم السابق. و تنقل المهام التي لم تُنجز بعد لجدول أعمال يومك الحالي. و بالتالي ستجد نفسك تُتابع مهامك عن قرُب و لن تضيع أي فكرة أو أى مهمة وسط زحام جدولك اليومي.
ثانياً: ممارسة الرياضة الخفيفة يومياً.
تصنع الحركة الخفيفة (سواء كانت مشي أو هرولة أو جري) في الهواء الطلق خارج المنزل فرق عجيب وكبير في تفاصيل يومك. بغضِ النظر عن كونك صاحب عمل حر أم لا. الحركة الخفيفة يومياً تمدُك بالطاقة والنشاط و تجعلك تشعر بالتوازن النفسي و الجسدي. لأن الحركة تدفعك لتناول الطعام المفيد المليء بالبروتينات و تُخفّف من شهيتك للحلويات و النشويات والسكريات التي تعبث بطاقتك اليومية.
وفي حال كنتْ تتمرن في النادي يومياً. أنت محظوظ جداً. لأن تمارين القوة التي ترفع من قوة عضلاتك. تُعالج آلام الظهر و الرقبة و الأكتاف و الركبة. والتي يعاني منها أغلب أصحاب العمل الحر نتيجة فترات الجلوس الممتدة لساعات طويلة من النهار والليل.
ثالثاً: الطعام المفيد يرفع طاقتك اليومية.
تنظيم وجباتك اليومية وتجهيزها و الموازنة ما بين البروتين والخضار والنشويات المفيدة يُنعش جسدك و يمدُك بالطاقة الصحيحة. والتي هي عوناً لك في شحذ همّتك و رفع انتاجيتك اليومية.
من خلال تجربتي:
- أحّددْ وجباتي المفيدة والتي أحبها للإفطار والغداء.
- أحرص دائماً على وجود مكونات هذه الوجبات في المطبخ.
- المفروض لا يستغرق منّي إعداد أي وجبة أكثر من عشرة دقائق. ماعدا وجبة الرز الأبيض و البروتين.
- النوم على معدة خفيفة هدف أسعى إليه كل ليلة.
رابعاً: النوم لساعات كافية يوازن ويرفع ساعات إنجازك.
سواءً كنتْ شخص صباحي أم مسائي. احرص على تنظيم ساعات نومك حتى تستطيع أخذ كفايتك من النوم. على الأغلب تكون طاقتنا في أوجها في ساعات الصباح الأولى. و بعد القيلولة في الظهر. و تبدأ طاقة أجسادنا بالإنخفاض تدريجياً في بداية فترة المساء.
وحين تبدأ في فهم هذه المعادلة و ديناميكية الطاقة والفرق بينهما في فترات الليل والنهار. تستطيع بسهولة تحديد ساعات إبداعك وساعات إنجازك و أيضاً الأجواء التي تتطلب كلاً منهما.
إشحن رصيدك من ساعات النوم لأقصى درجة يومياً. في حدود ثمان الى سبع ساعات كل ليلة. خصوصاً في فترة وسط الأسبوع، حتى تستطيع السماح لنفسك بالإستمتاع بوقتك في عطلة نهاية الأسبوع.
خامساً: قليلٌ مستمر خيرٌ من كثيرٍ مُنقطع.
تختلف عدد ساعات العمل اليومية للفريلانسر من شخص لآخر. والسبب أن البعض يعتمد بشكل حصري على مشاريع منصات العمل الحر. والبعض الاخر يعتمد على خدماته ومنتجاته في متجره الإلكتروني الخاص. و البعض الآخر يعمل في الميدان. مثل الأُسر المنتجة و أصحاب عربات الطعام وخدمات التوصيل وغيرها.
ولهدا السبب تجد بعض أصحاب العمل الحر مُتفرغين لمشاريعهم والبعض الاخر يعتبرها دوام جُزئي بالاضافة الى دوامه الرسمي الصباحي.
حين أقول، بأن القليل من العمل المستمر خيرٌ من الكثير المُنقطع. أعني بذلك، حدّد ساعات عمل يومية مناسبة لك. بغض النظر عن معايير الآخرين. لا تُفكّر فيما يفعله الاخرين. أنتَ فقط من يستطيع تحديد طاقتك اليومية التي تستطيع صرفها في مشروعك. سواء كان انجازك سريع أو بطيء لا يُهم. المهم هو أنك انجزت ولو شيء بسيط.
في الحقيقة، لا يُمكن أبداً المقارنة بين المرأة الموظفة وبين الأم وبين العاطلة التي تعمل في مشروعها. كلاً من هؤلاء لديها مسؤليات اضافية و فُرصْ اضافية تختلف عن الأخرى. وبالتالي فإن ساعات عملك لا يُمكن أن تُشبه ساعات عمل غيرك مهما حاولتْ.
سادساً: الإبتعاد عن الشاشات لِصحة عينيك.
هذه الفقرة بالذات أقولها لنفسي قبل أن أقولها لكم. وأدعوا نفسي للإلتزام بها قبل أن أدعوكم للإلتزام بها. لأنها من أصعب الأمور التي أحاول بقدر ما أوتيت من قوة أن أسيطر عليها وعلى آثارها.
بداية من الإحمرار المستمر وجفاف العينين و إنتفاخ الجفون و ضُعف النظر الذي يتناقص بشكل مُستمر. آثار النظر للشاشة لساعات طويلة كثيرة و من غير المُجدي أن أعمل لساعات طويلة أمام الشاشة و أخسر صحة عيني. فقط لأنني شغوفة بتحقيق النجاح في أسرع وقت ممكن.
ينصح الأطباء بعشرين ثانية في مقابل عشرين دقيقة شاشة. و أنا أقول أن أفضل طريقة لإراحة عينيك هي النظر للنجوم. فالسماء والطبيعة تُنعش أبصارنا و أوراحنا و قلوبنا. فمن نِعم الله عليّ أنني أعيش في منطقة أشبه ما تكون بقرية بين جدة ومكة. بعيداً عن صخب الحياة المدنية وقريبة كفاية لأستمتع بها بين فترة وأخرى.
سابعاً: جلسات عمل مُركزة بدون ملهيات.
التركيز لساعه أو ساعتين على انجاز مهمة بعينها مع الإلتزام بفترة راحة قصيرة، يساعد بشكل كبير في إنجاز مهامك في وقت قصير خلال يومك وبالتالي لن تحتاج لساعات ضائعة طويلة أمام الشاشات.
تعلّمتْ أن أُنجز المهمة وأنساها لأنتقل للمهمة التي تليها. و أُحاول أن لا أستغرق وقت طويل أمام الشاشة. كُنت في فترات سابقة أُتابع كل منشور و بوست بالدقيقة و الثانية وكل ساعة في الصباح والمساء. و الآن تعلمت أن أنشر و أترك ما نشرته لفترة. وأُحدّد ساعة معينة لمعاينة المنشورات على انستقرام أو الموقع. و أُشبع فضولي ( كم شخص رأى المنشور، كم عدد الإعجابات، كم عدد زائري الموقع اليوم ….الخ)
ثامناً: إهتمامك الشخصي بنظافتك و أناقتك أثناء العمل.
اذا كنتْ تعمل من المنزل، لن يراك العديد من الناس. وبالتالي فإنه من السهل إهمال أناقتك ونظافتك الشخصية اليومية. قد تقول لنفسك، إستغراق الوقت في العمل أفضل من تضييعه في ارتداء ملابس أنيقة أو الإهتمام بمظهرك عموماً.
ولكن تذكّر أننا نشعر بالانتعاش حين نهتم بأنفسنا. يُصبح كل شيء جميل حولنا لُمجرد أننّا اهتمامنا بمظهرنا في ذلك اليوم. و من الأولى اهتمامك بجمال منظرك وأناقتك في ساعات العمل في مكتبك فما بالك حين تجلس أمام الكاميرا للحديث مع عملائك.
تاسعاً: القراءة و التعلُّم جزء لا يُمكن إهماله.
سواء كنتْ صاحب عمل حر أو صانع محتوى أو كلاهما في نفس الوقت. يجب عليك تعلّم كل جديد ومُفيد في مجال عملك. لا تكُن مُتأخر في عملية التعلّم. فمن المفترض أن تتقدم جميع منافسيك في مجالك. بالعلم والخبر وكثرة الإطلاع على كل جديد.
لا تتردد في شراء آخر إصدارات الكُتب في مجالك. و الإطلاع على المقاطع التعليمية و حلقات البودكاست التي تتصدر مجالك. واستغل فترات الرياضة والإسترخاء و قيادة السيارة و إنتظار العيادات لتتعلّم.
حين تتقدّم بكل جديد في محتواك و في المنتجات والخدمات عن غيرك من المنافسين. ستجد أن الجميع ينظر إليك كقائد لموجة التغيير في مجال عملك وليس مُقلداً. و إذا كنتْ تُحب مجال عملك ستجد نفسك في فضول دائم عن كل شيء جديد ومميز.
في هذه الأيام، يتحدث الكثير عن chat gpt و تطبيقات الذكاء الإصطناعي وانترنت الأشياء و عالم الميتافرس. فكّر في تأثير هذه الأدوات على مجال عملك. و شارك تجربتك ورأيك الشخصي عن هذه الأدوات و كيف ستغير و تؤثر على مجالك في لاسنوات القادمة.
عاشراً: تنظيف و تنظيم مساحة عملك قبل البدء في العمل اليومي.
إحعلها المهمة الأولى اليومية التي تبدأ بها قبل كل شيء. تنظيف مساحة عملك يومياً يُرتب ويُنظم عقلك. و يدفعك للتقدم في إنجاز أعمالك. بالنسبة لي، أحرص دائماً على تنظيف مساحة عملي بنفسي. و أتجنب طلب تنظيفها من عاملة المنزل.
حتى أعرف أين وضعت و رتبت أوراقي و أشيائي بشكل دائم. و أتجنب إضاعة الوقت في البحث والسؤال. و تذكّر أن تقديرك لذاتك و مساحتك الشخصية يأتي من تقديرك لعملك ومشروعك. فإذا كنت تأخذ هذا المشروع بجدية ستفعل أي شيء وكل شيء لإنجاحه. حتى بالمسؤليات البسيطة التي قد تكون غير مُحببة في كثيرٍ من الأحيان.
في الحقيقة. أجد صعوبة في فهم الأشخاص الذي يكرهون التنظيف والترتيب ويعتبروها عبء إضافي. بالنسبة لي التنظيف والتنظيم هي أحد طُرق العلاج النفسي اليومي. طاقتي تتجدد يومياً حين أُنظف و أُرتب مكتبي و أدواتي. وأنا أدعوك لتنظر مره أخرى للموضوع بإيجابية. و استغل نشاط التنظيف في شحذ همتك و زيادة حماسك حين تُباشر أعمالك.
وأخيراً:
استمتعت جداً وأنا أكتب هذا المقال. أعتقد أن استمراري لسنتين في هذا مجال العمل الحر وصناعة المحتوى. يعود لأنني أحاول دائماً أن أخلق لنفس الأجواء و المساحة و الطاقة لأن أستمر وأستمتع برحلتي في رسم ملامح مشروعي في العمل الحر. وأرجوا عزيز القارئ أنك وجدت هذه الكلمات مُفيدة و مُلهمة لك.
ملاحظة:
إطلع على نموذج تنظيم المهام واستفد من طريقة تقسيم المهام بشكل منطقي و مفيد. و أتمنى لك يوماً جميلاً و عمل حر مُزدهر.
وأنا كذلك استمتعت واستفدت من التدوينة، وتأثرت جدًا بحديثك حول اختلاف عدد ساعات العمل اليومية للفريلانسر من شخص لآخر. إذ لطالما حاولت بذل جهد إضافي أثناء محاولتي “اللحاق” الآخرين. وكنت الخاسر الوحيد حينها!
بارك الله فيكِ أختي بسمة
أنا أيضاً وقعت في فخ اللحاق بالآخرين. كنتُ أعتقد أنني سبب المشكلة. إلى أن أدركت أنني خلقت مشكلة من لا مشكلة أصلاً.