يرقُد أبي حفظه الله هذه الأيام في المستشفى. و أواجه صعوبة حقيقية في التركيز على أي شيء آخر فيما عدا صحة أبي. فجأة كل شيء أصبح صعباً للغاية. إدارة عملي الحر، و صناعة المحتوى. أصبحت ثقيلة على قلبي شيئاً فشيئاً.
ولكن في بعضِ اللحظات، أجد الرغبة في الكتابة و أستغل هذه الفرص القليلة. لأنني أعرف أن الكتابة تُعطيني شعور جيد. خصوصاً حين أنتهي من القطعة التي أكتبها.
كتبت هذه الكلمات في أحد المنشورات على انستقرام و كنتُ حينها أُفكّر كيف ابتعد أبي عنّا فجأة. أصبح ينام و يقضي يومه في مكان آخر غير بيتنا. ينكسر قلبي للحظات، و يلتئم في لحظات أُخرى بالدعاء و التعلُّق و الإيمان بأن الله أرحمُ به منّا.
كتبت هذه الكلمات لأنها كانت تنوح باستمرار في صدري و عقلي. لم أستطع الإستمرار في صناعة محتوى مُبهج و إيجابي. لأنني لا أشعر بأيٍ منها. و أعتقد أنني بكتابتها تحررت قليلاً من عبءٍ لا أعرف كيف أصفه لكم.
لماذا يجب عليك الإستمرار في كتابة مذكراتك؟
لم أكنّ لأشارك معكم هذه التدوينة لو لم أكن مؤمنة بقوة كتابة المذكرات. و لا أعني بذلك كتابة مشاعرك فقط، بل أعني الكتابة لتفريغ أفكارك كاملة على ورقة وقلم. هناك سر عجيب في تحويل أفكارك بصيغة كلمات مكتوبة. بغضِ النظر عن فحواها أو حتى الهدف منها.
اُكتب مذكراتك لأن:
- عملك الحر يتَشكّل من خلالك و حياتك الشخصية ليست بمنأى عن عملك.
- الكتابة تجعلك أقوى ذهنياً و قادر على تتبُع خطواتك الصغيرة نحو أهدافك.
- الأيام لا تتشابه. و ما تواجهه اليوم من صعوبات سيختلف عن ما ستواجهه في المستقبل. (احفظ تاريخك قد تحتاج العودة إليه)
- تحتاج للكتابة و فهم ما يحدث حولك ولماذا يحدث. لأن شخصيتك و طريقتك في اتخاذ القرارت تنمو وتختلف تدريجياً.
- الكتابة تُساعدك لتعود مراراً و تكراراً لرؤيتك و هدفك الأكبر و رسالتك التي بدأت بسببها المشروع.
- مهما كانت ذاكرتك حديدية لن تستطيع تذكُّر عشرات الأفكار الرائعة والمُلهمة التي فكّرت بها قبل النوم، أو أثناء الاستحمام أو حتى أثناء المشي في الشارع.
- الكتابة اليومية تُسعفك حين ينْضبِ الإبداع و يَقِلّ المخزون.
- تُدرِّبك الكتابة على التفكير و توجيه تفكيرك بطريقة صحيحة و مفيدة. تذكّر أن عضلة التفكير تحتاج الى تمرين أيضاً.
أعتقد أنني استطعت إقناعك ولو بنسبة ٨٠٪ على الأقل بأهمية كتابة مذكراتك اليومية كفريلانسر. بالنسبة لي، أُحب كتابة كل شيء بقدر ما استطيع. كتابة الخُطط، الأفكار، العصف الذهني، النصوص، المهام …الخ. و أُحب الإحتفاظ بالدفاتر في أدراج مكتبي.
كيف تختار المُذكرة المناسبة لك؟ (دفتر وقلم)
تفضيلات المذكرات أمر شخصي و يعتمد بشكل كبير على ذائقتك. يُفضّل البعض المذكرات المُقسّمة الى أقسام أشبه ما تكون بالأجندة. و الجميل أن هذه الأجندة مُصممّة بحسب الهدف منها. فمثلاً، ستجد أجندة خاصة بالمصممين و أجندة خاصة بصُناع المحتوى وغيرها من التخصصات.
و البعض مثلي، يُفضّل المذكرات التقليدية المسطرة بعناية و ترتيب. لتترك الحرية للشخبطة واستخدام المسطرة، والملصقات الملونة، و ألوان الحبر الأساسية و الثانوية.
الطريقة الوحيدة لتتعرّف على ما يناسبك هي ( التجربة). مازلت أُحب مذكراتي من مكتبة جرير، ولكن حالياً أعتقد أنني بحاجة للتغيير. و لأنني كسولة و لا أعتاد على الجديد بسرعه قد أستسلم و أشتري نفس المذكرات مره أخرى.
معايير اختيار المُذكرة:
- جودة الورق
- لون الغلاف
- سماكة الغلاف و الكلمات المكتوبة عليه.
- عدد الصفحات
- حجم المُذكرة
إنِ استطعت تحديد المعايير، ستعرف ما يُناسبك. اختار مذكرتك كما تختار ملابسك لأول يوم في العيد. يجب أن تكون جذابة وجميلة و مُحببة الى قلبك. و تحملها معك في سفرك و تتباهى بها أمام أصدقائك.
وأخيراً:
لا يوجد شعور أجمل من الكتابة في آخر صفحة من مذكراتك القديمة. لتنتهي بعدها رحلة المذكرة معك. وتبدأ رحلة جديدة مع مُذكرة أخرى. تخيل عزيزي الفريلانسر كيف سيكون الفارق بين المُذكرة التي تحتوي على بداياتك المتواضعة، وبين المُذكرة التي تأتي بعد تحقيق ٩٩٪ من أهدافك. كم سيكون الشعور جميلاً.
شافى الله تعالى والدكِ، وأعاده إليكم سالمًا غانمًا 🤲
اللهم آمين اللهم آمين، شكراً لك أستاذ محمد، تحياتي لك.