كُنت و مازلت أؤمن بأن المنتج الناجح يبدأ و ينتهي عند العميل ( الفئة المستهدفة). و لكن الإيمان بهذا الأمر يختلف عن الممارسة والتطبيق الحقيقي. عندما صنعتْ منتجي الأول، أخذتْ في عين الاعتبار الطريقة التي كُنت اتمنى تعلُّمها مِن مَن سبقوني في بناء المشاريع. و استطعت بيع المنتج لعدد لا بأس به من العملاء. و أثناء تعاملي اليومي من عملائي أدركت فوراً ان هناك نمط متكرر مع كل عميل تقريباً. احتياجات متشابهه وحديثي مع كل عميلة كان يتشابه الى حد كبير.
عرفت من خلال التواصل بمكالمات الفيديو، أن عملائي يواجهون نفس التحديات و نفس المشاكل بطُرق مختلفة. و أدركت أن استجابتي يجب أن تكون موجه بشكل مباشر لخدمة عملائي في نقاط احتياجهم بالضبط. و لهذا أشارك معك هذا المقال بأفكار جيدة تساعدك على صُنع منتج مرغوب لدى عملائك لكي يسهل عليك بيعه.
٥ خطوات لصُنْع وبيع منتج مرغوب لدى عملائك:
- خطِّطْ لصناعة مُنتج هدفه الوحيد ” خدمة الناس”.
- اجمع المعلومات حول فئتك المستهدفة
- نفذّ المنتج و اصنع خدمة هي الأفضل في السوق على الإطلاق.
- اختبر منتجك\ خدمتك وخُذْ رأي عملائك ومتابعيك
- افتح مجال للتطوير المنتج وتحسينه و تحديثه بشكل مستمر.
أولاً: خطِّطْ لصناعة منتج هدفه الوحيد “خدمة الناس”
كما قلت مُسبقاً، يبدأ المنتج وينتهي عند العميل. و لذلك صناعة وتصميم منتج هدفه خدمة عميلك أولاً، هي النقطة الصحيحة للبداية. يبدأ معظم أصحاب العمل الحر تصميم منتجاتهم وخدماتهم بالامكانيات المتاحة لديهم في الوقت الحالي. و يسأل نفسه أولاً: ماهو المنتج \ الخدمة التي أستطيع تقديمها؟ في حين ان السؤال الصحيح الذي يجب أن تبدأ به هو: ماهو أفضل منتج يخدم عميلي اليوم؟ طريقة التفكير هذه ستجعلك ترى جوانب من منتجك و مشروعك لم تكُن ستراها ان لم تسأل نفسك هذا السؤال. إذا بدأت بتصميم منتجك من حيث امكانياتك و مواردك المحدودة كأنك تحكُم على منتجك بالهلاك. تضعك مواردك المحدودة وسط دائرة مغلقة بعيدة عن الابداع و الابتكار.
الامكانيات المحدودة و الدوائر المُغلقة هي حدود وهمية نرسمها حولنا بدون أي منطق. فكرة أن امكانياتك محدودة تُشبه الى كبير كلمة ” لا أستطيع ” التي يُرددها الكُسلاء لتبرير التقصير و قلة الحيلة.
إن لم يخدم المنتج عملائنا إذن مالفائدة. ولذلك، صناعة المنتج حتماً بل ويجب أن تستغرق وقت طويل جداً. بداية من صياغة فكرة المنتج و دراسة جدواه و اعداده ليكون الخيار الأول للعملاء. تذكّر ان استغراق وقت طويل في دراسة وتجربة و تطوير المنتج يأخذ منك وقت وجهد و أموال كثيرة . ولكن صدقني ان التحضيرات هذه تستحق الانتظار وتستحق الجهد و الاستثمار. حين تصل بمنتجك لأن يكون رقم واحد في السوق، سيصعب على الكسولين استنساخ الفكرة. بالاضافة الى الجودة والقوة التي تُمكّنك من بيع وتسويق المنتج / الخدمة بسهولة.
تجهيز المنتج والخدمة لا يعني نهاية المَهمَّة. بل يعني أننا خطَونا خطوة للأمام و مازلنا لم نتجاوز مرحلة تصميم المنتج. تبدأ المشكلة عند الاعتقاد بأنه حالما يجهز المنتج فإن عملنا قد انتهى. تصميم منتج موجه بشكل مباشر للعملاء لا يعني أن مهمتك انتهت. بل على العكس هذا يعني أن مهمة التطوير والتحسين قد بدأت.
ثانياً: اجمع الملعومات حول فئتك المستهدفة
يبدأ جمْع المعلومات بسؤال الأسئلة الصحيحة. تُمكّنك الأسئلة الصحيحة من جمع معلومات أكثر، و توسعة دائرة وعيك و فهمك لاحتياجات عملائك. وبالتالي صُنْع منتج موائم لعميلك يستخدمه يومياً و يعود اليه مراراً وتكراراً. تدور هذه الأسئلة حول المنتج و عميلك و أين يقع منتجك\ خدمتك من حياة عميلك اليومية.
تكمُن المشكلة دائماً بأننا ننظر الى فئتنا المستهدفة على أنهم أناس بعيدين عنّا ومختلفين و غامضين. و هدفنا دائماً هو فكّ رموز وطلاسم هذه الفئة لننجح في أعمالنا. وننسى بأنهم بشر وأناس مثلنا. لدينا قواسم مشتركة معهم أكثر مما نعتقد. لدينا ولديهم نفس الطموح ونفس الرغبات في تحقيق السعادة والراحة وسط العائلة والاصدقاء و النجاح في اماكن أعمالنا.
لا يكفي جمع المعلومات مِن مَن هم حولك و في دائرتك الاجتماعية. ولكن يجب أن تجمع المعلومات بقدر ما تستطيع لأن الاهتمامات تختلف وان تشابهت الفئات. اجمع معلومات من عملائك، من عملاء منافسيك، من الشارع من المقاهي من الانترنت من الواتس اب من تويتر من انستقرام من قوقل …الخ.
مثال: لنفترض انكِ مصممة عبايات و فئتك المستهدفة السيدات من أعمار الأربعين والخمسين وما فوق. يفترض الأغلبية بأن السيدات في هذا العمر يرتدين عبايات باللون الأسود و يتجنبون التطريز و الألوان الفاتحة. وقد تبدأ مصممة العبايات بالفعل بهذا النوع من التصاميم متجاهلة تماماً رغبات هذه الفئة. متناسية أن السيدات بهدا العمر يختلفن عن بعض كثيراً. قد تجد السيدة التي تهتم بفخامة القماش و بتطريز الكريستال بشكل انيق. و ستجد السيدة التي تُحب الألوان الصيفية و ترتدي الطرحة البيضاء. و نفس هؤلاء السيدات يستخدمون عباءة بشكل مُختلف في زيارات الأهل والأصدقاء والمستشفى و السوق وعند السفر الى الخارج…… الخ. بدون دراسة واطلاع و جمع المعلومات حول استخدامات العباءة لهؤلاء السيدات لن تستطيع صُنع مُنتج رائع ومميز لا يُمكن منافسته.
مثال آخر: تختلف الشركات والأفراد في طلب و استخدام الخدمات التي نُقدمها لهم. و دورك كمُقدّم خدمة هي تصميم رحلة عميل رائعة ومنافسة جداً ليُسهل على عملائك الاستفادة من الخدمة وطلبها مجدداً. وتحدثت عن خدمة الاستشارات و كيف تُقدّم ساعة استشارية بأفضل امكانياتك. وكان هذا المقال بعنوان: كيف تُقدّم ساعة استشارية وجلسة عمل ناجحة؟ هذ المثال يساعدك على التفكير بشكل جدّي حول طريقة تقديم خدماتك لعملائك سواء كانوا شركات أو أفراد
ثالثاً: تنفيذ المنتج\ الخدمة
نصيحتي لك في مرحلة التنفيذ هو أمر واحد. اصنع مُنتج و صمّم خدمة تتجاوز توقعات العملاء. فاجئهم و ابهرهم بمدى براعتك و احترافيتك في العمل. سأخبرك عن مقولة قرأتها ذات مرة في كتاب لا أذكُر حقيقة اسم الكتاب ولكن تقول بأن المميزين هم الناس الذين يُنجزوا الـ ٢٠٪ او ٥٠٪ زيادة عن العمل الأساسي. بمعنى أنك مثل غيرك من الناس ستنجز ١٠٠٪ من عملك الأساسي، ولكن لأنك مميز ستُضيف للمئة بالمئة ٢٠٪ أخرى او حتى ٥٠٪ أخرى زيادة على عملك الرئيسي.
ولهذا يسُهل عليك التميّز والمنافسة بقوة في السوق. وبالتالي الاستحواذ على عملاء أكثر من غيرك. تذكّر ان التنفيذ يستغرق وقت طويل و يتطلب منك مجهود مُضاعف. و قد لا ينجح المنتج\ الخدمة من المحاولة الأولى. ولكنها حتماً ستنجح بعد عدة محاولات الى ان تصل لشكل و روح للخدمة او للمنتج مميز يعكس طابعك الشخصي.
رابعاً: اختبر منتجك\ خدمتك وخذ رأي عملائك ومتابعيك.
جرّب ارسال عينات لمجموعة بسيطة من عملائك السابقين او متابعيك واسألهم عن رأيهم بصدق وشفافية. في الحقيقة، جميعنا يعرف مُسبقاً أهمية هذا الأمر و تأثيره على نجاح منتجك\ خدمتك. السؤال: هل انت فعلاً مستعد الآن لتضع منتجك و خدمتك أمام حُكم عملاء حقيقين؟ والأهم، هل انت مُستعد لسماع انتقاداتهم و آرائهم الحقيقية عنه؟ هل انت مُستعد للتغيير واعطاء عملائك ما يحتاجوه فعلاً، وليس ما ترغب انت في تقديمه لهم؟
حين تكون مُستعد تماماً لمواجهة عملائك بمنتج جيد و رائع. و استقبال ارائهم بعقل وقلب مفتوح. عندها فقط ستتعاطف معهم و مع احتياجاتهم بدلاً من تحديهم و شخصنة آرائهم عن المنتج وكأن أي كلمة تُقال هي طعن في امكانياتك و في شخصك. اختر التعاطف مع احتياجات عملائك بدلاً من تحدي آرائهم.
خامساً: افتح مجال للتطوير والتحسين والتحديث المستمر
تختلف عادات الناس اليومية من موسم لآخر. و ايضاً تختلف العادات الاجتماعية حسب المناسبات و الثقافة من منطقة الى أخرى. بالاضافة الى ذلك، تختلف الشركات والافراد واحتياجاتهم من فترة لأخرى و تُشكّل هذه التغييرات تحدي كبير أمام نجاح منتجك في جذب عملائك المستهدفين. و الأهم من هذا تحدي تحقيق هدفك المالي الشهري.
التطوير والتحسين المستمر سيجعل من خدماتك و منتجاتك موائمة ومعاصرة للتحديثات المستمرة. تذكّر أننا كمجتمع سعودي اختلفنا كثيراً عن السنوات السابقة. بسبب ظروف كثيرة جداً بالاضافة الى التحديات العالمية بداية من جائحة كورونا و صولاً الى التغييرات السريعة والكبيرة.
تذكّر ان الاحتكاك اليومي مع العملاء يزيدك وعي و ادراك لاحتياجاتهم. وأثناء ذلك، قد تخطر ببالك بعض التغييرات في منتجك أو خدمتك لتتوائم و لتُغذي احتياجاتهم. هذه التغييرات ضرورية جداً لتستطيع الاستمرار في المنافسة والتقدم والنمو لمشروعك. لا تُهملها و اترك مجالاً كبيراً و واسعاً للتطوير والتحديث. خصوصاً لو كان مشروعك ضمن نطاق ذا منافسة عالية. وعيك وفهمك لعملائك سيكون السلاح الذي يُميّزك عن غيرك من المنافسين.
وأخيراً:
كتبت هذه المقالة وأنا أعي تماماً أهميتها لديكم. و أعرف أن العديد منكم الآن في مرحلة تصميم خدمة أو صُنع واعداد مُنتج. ولذلك لا تتردد في سؤالي عن أي شيء يخص منتجك\ خدمتك سواء هنا في التعليقات أو على الخاص في حسابي على انستقرام. يُسعدني ويشرفني تواصلكم.
للتواصل:
انستقرام: Freelancers_guide@