دراسة السوق من أهم الخطوات التي يجب أن يحققها صاحب العمل الحر. مهما كان مجال تخصصه. سواء في قطاع الخدمات أو قطاع المنتجات. ولكن كوْن أن العمل الحر في قطاع الخدمات يتضمن صعوبة كبيرة في التسويق والبيع.
فهو غالباً ما يتطلب ضعفين أو حتى ثلاثة أضعاف مجهود أصحاب العمل الحر في قطاع المنتجات.
ستجد هنا أن الأمثلة تتناول قطاع الخدمات. ولكن ستجد أيضاً بأن التشابه في قطاعين كبير الى حد ما. وبأن كل ما ينطبق في دراسة السوق على قطاع الخدمات ينطبق بالضرورة أيضاً على قطاع المنتجات
ثلاثة خطوات رئيسية يستطيع صاحب العمل الحر إتباعها ليصل إلى نتيجة حقيقية تجعل من دراسة السوق أمراً في غاية السهولة و بتسلسل منطقي. أول هذه الخطوات هي
الخطوة الأولى: دراسة القطاع الذي يندرج تحته خدماتك.
في هذه الخطوة بالتحديد ستجد بأن محركات البحث و الأخبار والتقارير الرسمية الصادرة عن المؤسسات التي ترصد تقارير الإحصائيات. إما المبيعات أو الاستهلاك لسلعة معينة أو خدمة معينة في قطاعك، هذه الاحصائيات ستكون خير معين لك في قياس سرعة نمو قطاعك. ولكي تتضح لك الفكرة بشكل أكبر، تصدُر تقارير رسمية بشكل دوري وسنوي لقياس نمو اقتصاد القطاعات سنوياً.
هذه الأرقام هي بداية ادراكك للمكان الذي يقع فيه قطاعك. أين يقع معدل النمو في قطاعك مقارنة بالقطاعات الأخرى؟ من ناحية القوة الشرائية و الإقبال على النوع من السلع أو الخدمات الي ترغب في خوضها. السؤال المهم هنا، ما العوامل المؤثرة في زيادة النمو أو النقص في هذا القطاع
مثال من قطاع البودكاست
بعنوان الكلمات المتحدثة للتقارير الصوتية NRP and Edison Research صدر قبل مدة تقرير من
و الذي كان يستهدف دراسة معدل نمو الاستماع للكلمات المتحدثة.و هي تشمل: الإذاعة، بما فيها برامج المقابلات، و نشرات الأخبار، والبرامج الرياضية. بالإضافة الى البودكاست و الكتب الصوتية، ولا تندرج تحت هذه الدراسة الاستماع للموسيقى. و لخص التقرير ان معدلات النمو في الاستماع للكلام المتحدث يشهد نمواً متسارع خصوصاً في مجال البودكاست. وبالتحديد هناك نمو بمقدار ٨٣٪ لفئة الشباب من عمر السادسة عشر الى عمر الرابعة والثلاثين. وزيادة في نسبة استماع السيدات للبودكاست بنسبة ٥٧٪.
بالاضافة ان الدراسة شملت الطرق الأكثر انتشاراً من هذه الفئات للبحث عن للبودكسات المناسب لأذواقهم. تصدرت طريقة البحث في الانترنت واستخدام محركات البحث. وبعدها جاءت توصيات الأهل والأصدقاء. بالإضافة الى ان شركة قوقل تنبهت للإقبال الكبير على البودكاست و المحتوي المسموع. وهي في طريقها لإضافة طرق لنسخ محتوى الملفات المسموعة لإضافتها لمحركات البحث. بمعنى سيصبح بإمكانك أن تبحث عن أي كلمة أو عبارة و ستجد من ضمن خيارات البحث بودكاست والملفات الصوتية.
إذن ماذا نستنتج من هذا التقرير؟
- أولاً: أن البودكاست في نمو مستمر خصوصاً في محيط الفئات التي ذكرتها بالأعلى
- ثانياً: أن محتوى البودكاست سيدخل سباق محركات البحث، وهذا يعني منافسة أكبر والبقاء للمحتوى الأقوى والجاذب
- ثالثاً: دخولك لعالم محركات البحث سيتضمن الاهتمام الكبير في وصف حلقات البودكاست. بمعنى ان خانة الوصف لكل حلقة مهمة جداً.
حاولتْ أن أُجمل و أختصر في هذا المثال. فقط لكي تستوضح الفكرة لديك، بإمكانك الإطلاع على التقرير كامل و استخراج العديد من الأفكار و التوجهات. التي تستطيع ان تاخدها في طريقك لبناء مشروعك حتى وان كان هذا التقرير غير مرتبط بشكل مباشر بعملك الحر. ولكن أحببت أن أورد هذا المثال لعل الجميع يستفيد من محتويات التقرير.
الخطوة الثانية: أدرس منافسيك من جميع النواحي
هذه الخطوة تتضمن ما نعرفه جميعاً و أعتقد بأنه بديهي لأي مشروع تجاري بأن يأخذ خطوة في دراسة السوق. و دراسة المنافسين لا تكون بذي فائدة إن قرر صاحب العمل الحر الدراسة للتقليد أو لنسخ ولصق ما ينجزه الآخرون. الفكرة من دراسة المنافسين، هي التعرف على شكل الخدمات التي يقدمها منافسيك. ومدى نجاحهم في إشباع حاجات عملائهم. قد تجد أثناء بحثك في مواقع وحسابات منافسيك تعليقات و استجابات العملاء لحساباتهم يجب أن ننتبه لها جيداً. لأنها تعكس بالضرورة رأي العميل مباشرة بالخدمات و متطلباته من الخدمة التي يرغب في الحصول عليها.
دراسة المنافسين أيضاً تتضمن دراسة اسواقهم المتخصصة التي يستهدفوها. دراسة الأسعار و أيضاً قنوات البيع التي يستخدموها لماذا يستخدموها. هل اعتاد عملائهم أن يستخدموا هذه القنوات و سيجدوا صعوبة في التغيير؟! هل بعض اساليب التسويق مفيدة في جذب هؤلاء العملاء ولماذا؟ و لماذا بعضها غير مفيد؟ يجب ان تكتب هذه الأسئلة. وتجيب عليها و تسأل أسئلة مشابهة و تبحث ايضاً عن اجاباتها.
دراسة سوق المنافسين، لا تتوجه بالضرورة نحو الطرق التي يستخدمها منافسيك لجذب عملائك. ولكن يجب عليك ان تقيس تفاعل عملائهم في حسابات التواصل الاجتماعي. و تتنبه الي التعليقات و آراء عملائهم في كل خدمة و خصوصاً لو كانت التعليقات أسئلة يوجهها متابعينهم لهم. في هذه الحالة يُفضل أن تجمعها في ملف و تصنفه بعنوان معروف ليسهل عليك مراجعته. مثلاً ملف دراسة المنافسين، و تحته ملف أسئلة المتابعين للمنافسين.
الفائدة من جمع هذه الأسئلة وتصنيفها بأنها ستساعدك في توجيه محتواك التسويقي على وسائل التواصل الاجتماعي بالاضافة بأنها ستعطيك فكرة عن احتياجات العملاء لتصميم خدمات تتلاءم مع احتياجاتهم الحالية.
الخطوة الثالثة والأخيرة: دراسة متابعينك وعملائك
تتضمن دراسة المتابعين أرقام التحليل الذي تزودك بها وسائل التواصل الاجتماعي في حسابك. مثل إنستقرام بالاضافة الى أرقام التحليل من موقعك الشخصي. يجب أن تكون مطلع على هذه الأرقام و تجرب التماشي مع دلالاتها.
والأهم من هذا كله يجب أن تحتفظ بملفات تتضمن تعليقات و ردور عملائك على الخدمات التي استفادوا منها. و يجب تصنيفها ، حسب المواضيع المرتبطة بها. مثلاً: ملف: تعليقات العملاء على الخدمة قبل الاستفادة منها ملف آخر: تعليقات العملاء أثناء الاستفادة من الخدمة. و ملف آخر لما بعد الاستفادة والانتهاء من الخدمة. كل كلمة ينطقها العميل لك في جميع هذه الأوقات تعتبر أحد أهم المؤشرات لك والتي ستدل على الخطوات التي يجب ان تتخذها أو التعديلات و مجال التطوير في خدماتك التي تقدمها.
إحتفاظك بهذه الملفات وترتيبها وتصنيفها سيساعدك في خلق محتوى تسويقي. و تصميم خدمات تتوائم مع احتياجات عملائك وتتطلعاتهم. ويجب ان نُدرك أهمية الاستفتاء ودراسة رغبات العملاء مباشرة وسؤالهم مباشرة وجمع هذه الاجابات.
بامكانك تصميم إستبيان لعملائك او لمتابعينك في مجال عملك الحر. خصوصاً في إستغلال خاصية جمع الآراء في قصص انستقرام، لانها تزيد من التفاعل و تزودك بمعلومات مهمة جداً من عملائك مباشرة، ولذلك يجب الاحتفاظ بنتائج هذه الاستبيانات وتصنيفها تحت ملفات تخزين ساحبي ولابد من تحديثها باستمرار.
وأخيراً
في نهاية هذه التدوينة. أقول لك بأن دراسة القطاع ودراسة المنافسين هي مرحلة تأتي ما قبل البدء في عملك الحر. وأن دراسة عملائك تأتي أثناء العمل. هذه هي اهم وأكبر ثلاثة خطوات يجب ان تتخذها في دراسة السوق لعملك الحر. وعيك بالطرق العلمية والصحيحة لدراسة السوق. ستجلب لك التطوير المستمر.
كُن دائم الإطلاع و دائم البحث عن أفضل الأساليب للتسويق و للتطوير من جودة خدماتك أو حتى منتجك.
لا تتردد في كتابة سؤالك. أياً كان في خانة التعليقات وستجد الإجابة فوراً. وإن كان المحتوى مفيد لك وترغب بالاستفادة من التدوينات القادمة في مجال العمل الحر. أدخل بريدك الإلكتروني في الخانة المخصصة و سيصلك ايميل لكل تدوينة جديدة بإذن الله.