مرحباً بك في الجانب الآخر من العمل الحر. اعتدنا على الحديث بايجابية و حماس في أغلب المقالات والتدوينات السابقة. و اليوم نُلامس لُبّ و جوهر الأمر و نضع أقدامنا على أرض الواقع قليلاً.
نعرف جميعنا أن الحياة ليست وردية تماماً. و نُدرك أهمية و ضرورة التحدث عن هذا الأمر بكل شفافية لأننا لا نُحب الشعور بالوحدة في مواجهة التعليقات السلبية. حتى وان لم تستقبل التعليقات السلبية بعد، يجب أن تُحضّر نفسك ذهنياً و جسدياً لما يُمكن أن تواجه في المستقبل حين يبدأ مشروعك بالتوسع. لأن أحد أكبر عيوب التوسع و النمو هو كثرة التركيز عليك وعلى عملك وبالتالي كثرة الانتقادات.
سأتحدث معكم في هذا الموضوع من خلال خبرتي في مشروعين قديمة شاركت في بنائها مع أصدقائي. الحالات هي:
- عميل غاضب جداً و يرفع صوته ( كان الموقف وجهاً لوجه)
- عميل غير راضٍ و طلب استعادة المبلغ المدفوع ( عن طريق مكالمة).
هذين الموقفين تعرّضت لهما منذ مدة طويلة، قد لا أتذكر التفاصيل جيداً. ولكنني أتذكر طريقتنا في التعامل مع العملاء. و هي الخبرة التي تكتسبها من العمل في الميدان. وأنا متأكدة ان العديد من موظفات الإستقبال و الكاشير و غيرها من الوظائف قد تعرّضوا لمواقف مشابهة. إذا كنت أحد هؤلاء لا تتردد في مشاركة تجربتك في التعليقات لنستفيد منها جميعاً.
كيف تتعامل مع العميل الغاضب؟
العميل الغاضب و الصاخب والساخط لن يستمع اليك حين تحاول تبرير موقفك. هو آتٍ إليك بكل طاقته ليصب جام الغضب عليك وعلى مشروعك. التبرير ومحاولة تهدئته سيزيد الطين بله. تختلف أساليب الناس في التعامل مع هذا النوع من العملاء حسب نوع المنتج أو الخدمة و حسب قواعد وآليات سير العمل في المشروع.
الطريقة الأولى:
- الاستماع لشكوى العميل و صراخه للآخر.
- الاعتذار من العميل مباشرة في ما حصل من سوء فهم.
- توضيح آليات وقواعد العمل و بأن العميل لن يستعيد ماله مقابل الخدمة.
- تهدئة الموقف بتقديم عرض سخي و جيد آخر عوضاً عن ما حصل من تقصير.
تعتمد هذه الطريقة على احترام سياسة و قواعد التعامل مع العملاء في عملك الحر. خصوصاً إذا كُنْت مصمّم أو كاتب أو مُقدّم خدمة. يصعُب عليك ارجاع المبلغ كامل لعميل تمت خدمته مُسبقاً. و هذا بالتأكيد يعود لقرارك أنت كرب العمل. بإمكانك اتخاذ الإجراءات الملائمة لك.
سلبيات هذه الطريقة تطغى على الإيجابيات. و بالتالي لا أنصح باستخدامها إلا في حال شعرت ان هناك ظُلْم كبير وقع عليك من قِبل العميل. و شعرْت أنك يجب أن تنتصر لنفسك و لمهنتك. ما عدا ذلك أنصح دائماً باستخدام الطريقة الثانية.
الطريقة الثانية:
- الاستماع لشكوى العميل و صراخه للآخر.
- الاعتذار للعميل مباشرة فيما حصل من سوء فهم.
- ارجاع المبلغ المدفوع من قبل العميل مباشرة.
- ارفاق رسالة اعتذار عن سوء الفهم.
- تعويض العميل عن سوء الخدمة بعرض خدمة جديدة أخرى أو منتج بديل.
تبدو هذه الطريقة آمنة و جيدة و تتوائم مع كثير من نصائح المتخصصين في خدمة العملاء. و هي حتى وإن كانت صعبة و تجعلك تشعر بالغبن و الحُزن و الظُلّم. و لكنها ستجعلك تشعر بشعور أفضل بعد تقديم كل هذه التنازلات. لأنك ستُبعد عن نفسك الأخطاء كُلياً. و كأنك تعود بالعميل للحظة الأولى التي تعامل فيها معك في بادئ الأمر. تستطيع تسميتها تصحيح الأوضاع مع العميل الغاضب.
كيف تتعامل مع العميل الصعب؟
تعريف العميل الصعب هو العميل الذي يهدف الى “تحليل كل ريال دفعه من جيبه لآخر قطرة”. متطلباته تتجاوز المعقول. يرغب في أن يُعامَل كمنْ دفع مئات الآلاف وهو لم يدفع سوى مئة ريال. هذا النوع من العملاء صعب جداً و سيُحيل أيامك الى ظلام دامس.
و نصيحتي حاول أن تتنبأ بهذا العميل قبل إتمام عملية الدفع. و لا تتردد في الاعتذار منه منذُ البداية حتى لا تقع في مأزق معه. في هذا السياق نحن لا نتحدث عن العميل الذي يطلب طلبات اعتيادية ويرغب في أن يُخدم بطريقة لائقة. نحن نتحدث عن العميل الذي يتجاوز حدود المعقول.
و أحد أهم الحلول لهذا النوع من العملاء هو وضع آليات وقواعد محفوظة و واضحة منذُ البداية حتى تستطيع التملص من خدمته لبقية حياتك.
لاحظ أن بعض العملاء يستغل الامتيازات الممنوحة من جانبك لآخر قطرة. مثلاً، لنفترض أنك تُقدّم ضمان على منتجك لمدة سنة. ستجد هذا العميل يحاول بشتى الطرق استغلالها بكل الطُرق الممكنة. و على الرغم من ذلك، فأنا اقول لك لا تجعل الخوف من هذه الممارسات يوقفك من تقديم الضمانات و الامتيازات لعملائك. بالعكس، بل يجب عليك زيادتها و عرضها لجميع العملاء بدون استثناء.
ولكن يجب عليك أن تكون واعٍ تماماً لكل عميل مُحتمل يرغب بالعمل معك. استخدم ذكائك العاطفي والاجتماعي في الحكْم و اختيار عملائك. و استمع لحدْسك في كل مرة. حتى وإن لم تظهر علامات واضحة لكون العميل صعب التعامل.
الأخطاء الشائعة في التعامل مع العميل الغاضب والصعب:
- التبرير ومحاولة اثبات صحة تصرفك كصاحب العمل ( لن يتسمع إليك وسيزيد من غضبه)
- رفع صوتك أثناء الحديث رداً على صوت عميلك. ( لا تجعل عميل غاضب يُستفزك)
- اقرار خطأك حتى وأنت لست المخطئ. ( حين تكون غير مُخطئ اعتذر عن سوء الفهم ولا تعتذر عن خطأ لم ترتكبه)
- لا تستقبل الموضوع و كأن الغضب موجه لشخصك انت. ولا تدافع عن نفسك و كأنك في خصام حقيقي. ( افصل غضب العميل عنك شخصياً، و ذكّر نفسك ان العميل غاضب من الخدمة فقط)
- عرض الحلول السريعة على العميل من أكبر الأخطاء اللحظية التي يقع فيها العديد من أصحاب العمل الحر. ( لا تعرض حلول سريعه وقتها، بل قُلّ ( خير ان شاء الله سأفكر في طريقة للتعويض عن ما حدث).
- من أكبر الأخطاء عدم تحمل مسؤولية الخطأ حين يحدث. كُنْ شُجاع وتحمل مسؤولية أخطائك. ( ستكبُر بعين عميلك حين تكون شخص مسؤول و مُستعد لتحمّل مسؤولية الخطأ مهما كان).
- لا ترفع صوتك على موظفك المُخطئ أبداً. يكفي ان يسمع الموظف استياء العميل و هذا كافٍ ليجعله يشعر بالذنب إن كان مُخطئاً.
- انصر موظفيك و كُن بجانبهم في كل الأحوال. ولا تسمح لعميل بالتعدي عليهم.
تذكّر أن هذه أحد أكبر التحديات والعقبات التي تواجهك بشكل كبير في مشروعك. كُنْ مستعد لها نفسياً. لا تهرب منها. جزء كبير من دورك كصاحب مشروع هو إيجاد الحلول الجذرية لأكبر المشاكل التي تواجه موظفيك أو عملائك. لاحظ ان مرحلة البدايات الجميلة و العملاء الراضين و الودودين لن تستمر معك لوقت طويل. ولذلك رباطة الجأش والشجاعة في مواجهة المشاكل مهمة جداً.
نصيحة:
أنظر للمشاكل والعقبات على أنها تحديات وهي بحاجة لنظرة المُستكشف الباحث عن الحلول. ارتدي دائماً قُبعة الفضولي الباحث عن الحلول الإبداعية و الطريقة المُثلى لإخماد الحرائق و اطفاء الأزمات. لا تُحمّل نفسك عبء التفكير و الشعور بالذنب والتقصير في نفس الوقت. يكفيك المسؤليات الكبيرة التي تتناولها كل يوم. فلا تجعل من مُشكلة بسيطة (مثل عميل غاضب) يُعكّر مزاج يومك. اتمنى لكم أيام جميلة و أعمال مُثمرة.