استغرق مني بناء ورشة العمل ” كيف تبني عمل حر مربح؟” عدة شهور. استثمرت هذه المدة ليش فقط في تصميمها و تنفيذها ولكن حتى في دراسة العملاء عن قرب وسؤالهم عن احتياجاتهم. وانا اليوم قررت أن أتحدث عن هذا الموضوع بالذات لأنني في نفس مكانك، أتسائل كم المدة التي يستغرقها أصحاب العمل الحر في بناء منتجاتهم وخدماتهم.
ماهي الفترة المثالية لصناعة منتجي أو تجهيز و تنفيذ الخدمة التي أقدمها؟. كيف أعرف أنني على الطريق الصحيح؟. كُنْت أتمنى لو أنني أعرف شخصاً سبقني في هذا المجال،لأنهال عليه بالاسئلة التي كانت تحوم في رأسي باستمرار. و الحقيقة سأحاول في هذا المقال أن أُفيدك عزيز القارئ بكل ما استطيع. و إن وجدت أن المقال لا يُجيبك على كل أسئلتك لا تررد في سؤالي في التعليقات أو مراسلتي علي الخاص على حسابي في انستقرام. @Freelancers_guide. لنبدأ إذن بالمراحل التي يجب أن يمر بها رحلة بناء مشروعك.
كم المدة الطبيعية التي يستغرقها بناء منتجك؟
يَستغرِق بناء منتجك في مدة أقلها شهرين، وأكثرها ثمانية شهور إلى سنة. في حال كان منتجك مادة تعليمية مُسجلة. أما خدمات العمل الحر فستكون الفترة أقل من ذلك بكثير. و غالباً ستكون في مدة أقلها أسبوع و أكثرها شهر كامل. هذه الإجابة تُعتبر تقريبية و هي مُقترحات بناء على تجربتي في بناء منتجي الأول والثاني.
لا تعتقد أنك وحدك تستغرق وقت طويل جداً في بناء منتجك. فالطبيعي جداً أن تأخذ كل الوقت الذي تحتاجه، بالاضافة الى كل المعلومات التي قد تحتاجها لبناء منتجك. و هذا الأمر سيتطلب منك الكثير من البحث و الكثير من السؤال والتجربة والمحاولة والخطأ. الى ات تصل بمنتجك لمرحلة تُصبح راضٍ عنه تماماً. و مُتأكد أنه الخيار الأول للعملاء في السوق.
خطة تنفيذ منتجك يجب أن تمر بعدة مراحل:
وضعْت هذه الخطة لأنها ستساعدك في الانتقال بين كل مرحلة بشكل جيد و سلس. والأهم من ذلك تستطيع معرفة مكانك الآن وماهي المرحلة التالية و متطلباتها. حتى تكون في أتم الاستعداد لها.
أولاً: دراسة فئتك المُستهدفة:
اختيارك لمنتجات و خدمات تملك فيها الخبرة والتجربة الشخصية هي الخطوة الصحيحة الأولى لك. لأنه بهذه الطريقة تستطيع أن تأخذ تجربتك و خبرتك -مهما كانت بسيطة- وتنقلها على شكل خدمات ومنتجات الى الفئة المستهدفة. ضع في عين الاعتبار، مهما كانت خدماتك ومنتجك بسيط جداً هناك شخص يحتاجها و مُستعد لأن يدفع المال مقابلها.
ومع ذلك، فإن خبرتك وتجربتك الأولية قد لا تكون كافيه لك للبدء في صناعة منتجك. ولذلك تحتاج الى دراسة و بحث و جمع معلومات بشكل مكثف ومقصود حول طبيعة منتجك ومكانه من حياة عملائك اليومية. كيف يخدمهم و كيف يساعدهم في تحقيق أهدافهم. كل هذه الأمور يجب أن تُفكّر فيها أثناء جمع المعلومات و دراسة فئتك المستهدفة. ولاحظ أن دراسة الفئة المستهدفة هي عملية مستمرة قابلة للتطوير والتحسين حتى بعد بدايتك لمشروعك وحتى بعد طرح منتجك للمستفيدين.
ثانياً: الفكرة المبدأية و اختيارها:
تنبع فكرة منتجك من حاجة العميل لها. يحتاج عميلك لمنتجك لأنه يُقدم له حل لمشكلة واضحة وظاهرة لديه. مثلاً: تصاميم الأزياء المميزة و ذات الهوية القوية. هي اشباع حاجة لدى السيدات، فهي في بادئ الأمر ستحتاج الى رداء جميل ترتديه لمناسبة عائلية. و بعدها سترغب في رداء وفستان مميز و عصري يُمثّل شخصيتها و اسلوب حياتها. وبعدها سترغب في فستان يتناسب مع ميزانيتها و بالتالي قد تتجاوز الميزانية بقليل إن وجدت الفستان المميز جداً الذي سيحعلها الى ملكة السهرة وملكة المكان. هذه باختصار طريقة تفكير العملاء وقت الشراء. ستنتقل افكارها وقت الشراء بين هذه الحاجات الى ان تجد الفستان الذي يُشبع أغلب الحاجات بالطريقة التي تناسبها.
و فهمك لهذه الطريقة كمثال سيجعلك مصمم أزياء و بائع مُحترف. لأنك تعرف بالضبط ما تبحث عنه عميلتك. هذه الخبرات والتجارب ستبدأ في جمعها شيئاً فشيئاً. الى ان تجد نفسك تحفظ عميلك عن ظهر قلب. و تتنبأ بتصرفاته حتى قبل ان يستوعب هو انه تصرّ بتلك الطريقة. و بالتالي ستعرف كيف تجذب انتباهه لتصرفاته بحيث تعرض عليه بالضبط ما يحتاج.
تذكّر ان فترة تصميم منتجك هي فترة جوهرية تتعرف فيها عن قُرب على احتياجات عميلك. وبالتالي قد تستغرق هذه الفترة وقت أطول مما تتوقع. الفكرة هنا أن لا تستغرق وقت طويل جداً لدرجة النسيان و بعدها تبرد همتك و تنشغل في حياتك اليومية. انتبه من الوقوع في هذا الفخ.
ثالثاً: جمع المعلومات والداتا:
في هذه المرحلة ستبدأ في جمع الداتا والمعلومات بشكل موجّه. ستعرف بالضبط نوع المعلومات التي تحتاجها. ولماذا تحتاجها. ستتعرف على طبيعة منتجك و عدد مرات احتياج عملائك له خلال السنة. ستتعرف أيضاً، على التغييرات البسيطة التي يتطلبها المنتج بين كل موسم من المواسم. ولماذا هذه التغييرات ضرورية؟ و ماهو التاريخ التقريبي لبداية الموسم ومتى يضعف الطلب على الخدمة. لاحظ ان هذه المعلومات ستكون أولية قابلة للتغيير والتجديد بعد أن تبدأ بـبيع المنتج والتعامل اليومي مع العملاء. ستتعرف بشكل تلقائي على أجوبة هذه الأسئلة.
ولكن أنت بحاجة إليها في الوقت الحالي حتى تصل بمنتجك لمكان آمن و يستطيع مشروعك تغطية تكاليفه من خلال المبيعات.اجمع معلوماتك الأساسية و اجعلها عادة لا تتوقف خلال عملك في مشروعك. خصوصاً حين تبدأ بتوظيف قسم المبيعات. مهم جداً أن تكون قريب منهم و تستمع اليهم باستمرار. كتبت مقالة ستفيدك جداً في هذ المرحلة من مشروعك بعنوان “كيف تدرس السوق في مجال العمل الحر؟” . وبامكانك ايضاً الاستماع الى حلقة البودكاست عن المواسم و كيف تتعرف على مواسم البيع لعملك الحر بعنوان ” كيف تكتشف موسم البيع في مشروعك؟”
رابعاً: اطلاق المنتج:
من أكبر التحديات التي تواجهك في بداية مشروعك. و في الحقيقة، يهرب منها الكثير من الناس. غالبية أصحاب العمل الحر المبتدأين يتوقفون تماماً عند هذه المرحلة. ولذلك أقول احذر من التوقف احذر من الاستماع الى مخاوفك. واجهها و اثبت لنفسك انك تستطيع. لأن اطلاق المنتجات هي مرحلة تعليمية لك من الدرجة الأولى. ستتعلّم الكثير من الأشياء في وقت قصير.
من أهمها ستتعرف على عميلك عن قرب بسبب الاحتكاك. و ستتعرف ايضاً علي ممكنات منتجك وخدمتك و ماهي الطريقة المثلى لتسويقها. و لكن الأهم من ذلك. التحضير لاطلاق المنتج. اختر استراتيجية اطلاق منتجك بعناية و بعد تفكير جيد وتحضيرات مناسبة. قد اتحدث عن استراتيجيات اطلاق المنتجات في مقال اخر. ولكن حالياً انا ادعوك لأن تبحث بنفسك عن أفكار تسويقية جيدة للإطلاق منتجك. مثلاً: ماذا تفعل شركات صناعة الأفلام عند اطلاق فيلم جديد؟. يبدأ التسويق للفيلم منذ بداية القصة والمخرج و اختيار الممثلين. و يستغرق تصوير الفيلم سنة كاملة او سنتين. ستجد ان الجميع يُصور من كواليس الفيلم المرتقب. والى ان يصل الفيلم لمرحلة الاطلاق. سنكون حينها مستعدين لشراء التذاكر فوراً لأننا على معرفة وعلم بكل تفاصيل الفيلم. هذه التشويقة هي بالضبط أحد أكثر اسرار اطلاق المنتج فاعلية. وان استخدمتها بشكل صحيح ستكون فكرة اطلاق منتج جديد تجربة رائعة لك.
خامساً: التحسين والتطوير
بعد اطلاق منتجك لا يتوقف العمل. يعتقد الكثير من أصحاب العمل الحر أنه بمجرد اطلاق المنتج سيتوقف العمل على المنتج و يبدأ في التسويق له لسنوات قادمة. كان هذا الأمر فعّال و ينطبق على المنتجات من الأزمنة الغابرة. أما اليوم فأنت بحاجة للتطوير والتحسين بشكل مستمر وإلا سيغلبك السوق و تغلبك المنافسة وستجد نفسك تنفض الغبار عن منتجك الذي لم يعد مرغوب من أي أحد.
دائماً اترك مجال للتحسين والتطوير. وكما أقول دائماً، افتح قلبك وعقلك لعملائك. استمع اليهم و انتبه لمناسباتهم و طريقة حياتهم اليومية. هل يؤثر هذا الأمر على منتجك أم لا. انتبه ايضاً لحاجة عملائك لو كانوا من فئة الأعمال والشركات. متى يحتاجوا بشكل كبير الى خدمتك أو منتجك. وبأي كمية ؟ وهل يجب عليك تغيير طريقة عرض المنتج أو الخدمة لهم؟ راقب سلوكهم و اجمع المعلومات واتخذ قرارات تطويرية على أساسها.
وأخيراً:
فكّر في الوقت الذي يستغرقه منك انجاز كل مرحلة من هذه المراحل. بامكانك استخدام الصورة أعلاه خذ ورقة وقلم و اكتب بجانب كل مرحلة عدد الأيام و الأسابيع التي تحتاجها للإنجاز المرحلة المستهدفة. وزّعها على التقويم بالاشهر والأسابيع، استفد من هذه الخاصية أيضاً في تحديد المهام و توزيعها خلال أيام الاسبوع و الاشهر.
في النهاية اتمنى لكم مشاريع عمل حر ناجحة و مثمرة ومبيعات لا تتوقف. و باذن الله تحتفل عزيز القارئ بأول مبيعات مليونية قريباً باذن الله.