مرحبا أصدقائي في العمل الحر وأهلاً وسهلاً بكم في الجزء الثاني من سلسلة “اصنع معي منتجك الأول”. تحدثنا في الجزء الأول عن ارتباط فكرة منتجك بفكرة مشروعك. و تحدثنا عن أهمية خلق مُنتج يدور حول إحتياج عميلك بشكل مباشر. و شرحت طريقتي في صناعة مُنتجي كمثال هدفه يُلهمك ويساعدك في رحلتك لصناعة منتجك الأول.
نتحدث في مقال اليوم عن استراتيجيات جمع المعلومات لتحقيق الهدف الرئيسي وهو خلق منتج يُشبع احتياج العميل بأقصى درجة ممكنة. استخدمتها أثناء الشهور البسيطة الماضية و كان هدفي هو أن أكون أقرب لعملائي بأي طريقة مُمكنة.
قائمة مهامك:
استعد الآن لتنفيذ مهامك الجديدة. على افتراض انك انتهيت من تنفيذ مهام الجزء السابق. لنتأكد معاً من ذلك، اشطب على كل مهمة أنجزتها و انتهيت منها وانتقل فوراً للمهمة التي تليها:
- بلورت فكرة منتجك و أجبت على الأسئلة المهمة في المقال السابق.
- وضعت هدف واضح من المنتج، يُحقّق أقوى احتياج لدى عميلك من مشروعك.
- جمعت أكبر قدر من المعلومات عن عميلك بشكل مباشر.
- رسمت رحلة عميلك الأولية منذ اللحظة الأولى الى ان يُصبح مشتري و خدمات ما بعد البيع.
- صنعت نموذج أولي للمنتج\ الخدمة و اختبرت فعاليتها.
- بدأت بمرحلة تنفيذ المنتج استعداداً للبيع.
بنهاية الجزء الثاني من هذه السلسلة من المفترض أنك بدأت بتنفيذ المنتج. و سأساعدك اليوم بنماذج جاهز للاستخدام تستفيد منها لتنفيذ هذه المهام بشكل سهل ومُيسّر. لنبدأ الان بتفنيد قائمة المهام و التحديث عنها كلاً على حدى.
كيف تجمع معلومات عن عميلك بأكثر الطُرق فعالية؟
جمع المعلومات عن عميلك هي مهارة يجب أن تتعلّم صقلها يومياً مع الوقت. أنت تتعامل مع عميلك دائماً وبشكل يومي وتعرِِف الصعوبات التي يواجهها بالاضافة الى الحاجات الأساسية التي يرجوها منك و من منتجك. دائماً أقول بأن التعامل اليومي مع عملائك ومتابعيك أحد أكثر المهارات التي يجب عليك اكتسابها من خلال مواقع التواصل الاجتماعي.
استخدم مواقع التواصل الاجتماعي في خلق رابط قوي مع كل عميل يستفسر ويسأل ويطلب منك نصيحة أو حتى سؤال. وتعلّم أخذ هذه الأسئلة والمعلومات على شكل داتا تعود لها كلما احتجت لتتذكر احتياجات عملائك.
استفسار العميل هو حاجة وفضول للمعرفة. و طلب العميل هو أحد أسباب وجود منتجك. بمعنى، حين يستفسر عميلك عن أمرٍ ما بخصوص منتجك فسؤاله دليل ان عميلك بحاجة الى مُنتجك و يرغب بجمع معلومات أكثر ليتأكد أن مواصفات منتجك تتوافق مع ما رسمه العميل في ذهنه بناءً على توقعاته. أو بدافع الفضول ليتعرف على كيف يستطيع منتجك رفع جودة حياته.
المطلوب منك الآن هو جمع هذه الاستفسارات و الطلبات والأسئلة على شكل داتا. تستطيع العودة اليها متى ما شئت. ولكن تذكّر أن جمع هذه المعلومات بدون استخدامها في تطوير منتجك سيكون جهد بلا طائل. لنأخذ مثال على مشروع تصميم أزياء:
- سؤال العميل: ” لو سمحتِ بكم هذا الفستان و هل يوجد لون أسود”
- طلب العميل: ” ابغا نفس هذا الفستان بس ياليت بدون الأكمام وبدون الكريستال، و اللون أبيض”
- سؤال العميل: ” لو سمحتِ هذا الفستان مره سعره غالي، ممكن تعطيني تخفيض؟”
مصممة الأزياء الواعية بمتطلبات عملائها، تعرف كيف تستخدم هذه الاستفسارات والطلبات لجذب العملاء الآخرين الذين يملكون نفس رؤية العملاء السابقين. خصوصاً حين يتكرر السؤال والطلب لأكثر من مره. خلف هذه الأسئلة هناك حاجات و هناك طلبات و هناك توقعات لدى كل عميل.
اسأل نفسك:
- لماذا طلبت العميلة الأولى اللون الأسود؟
- ماذا لو نفذّت نفس الفستان باللون الأسود وعرضته في صفحة الفساتين كخيار مُتاح للشراء؟ هل ستشتري الفستان عميلة أخرى؟
- هل سيجذب اللون الأسود عملاء جدد؟
- لماذا تعتقد العميلة الثالثة أن الفستان أغلى مما يستحق؟ هل كانت صور الفستان لا تعكس قيمته الحقيقية؟
هذه الأسئلة وغيرها الكثير بامكانك استخدامها لتطوير وتحديث منتجك ليصل الى أعلى مستويات الجودة والتوافق مع احتياجات عملائك. تنطبق هذه الطريقة أيضاً مع أي مُنتج حتى وإن كان مُنتج رقمي.
لنأخذ ورشة العمل التي انا بصدد تحديثها كمثال آخر:
حين قررت تحديث ورشة العمل. كُنْت أخطْط لجمع المعلومات مباشرة من عملائي. و قررت أن أجمع هذه المعلومات بأدق صورة مُمكنة. الفكرة: عقدت جلسات ارشادية مع عملائي بأرخص قيمة مُمكنة. و طرحت مُنتج جلسات ارشادية بقيمة خمسين ريال سعودي فقط. أسئلة العملاء كانت تنبع عن حاجة كبيرة جداً. و رغبة حقيقية في إيجاد حلول حقيقية لمشاريعهم. والتي كانت إما متوقفة أو في طور النمو و لكن بحاجة لمعلومات عن اتجاه النمو. و
كانت الأسئلة تدور بشكل مباشر حول:
- التسويق
- البيع
- بناء المنتج
أثناء الجلسات الإرشادية لاحظت أمر في غاية الأهمية. و هو أن مواضيع الجلسات الإرشادية كانت مُكرّرة بشكل واضح. و أسئلة عملائي فعلاً تدور حول هذه الأمور الثلاثة التي ذكرتها مُسبقاً. و وجدت نفسي أُكرّر جزء كبير من الكلام مع كل عميلة تقريباً. و عرفت حينها أنني أستطيع جمع هذه الأسئلة المُكررة و صياغتها على شكل فيديو تعليمي خطوة بخطوة لعملائي في ورشة العمل ” كيف تبني عمل حر مُربح؟”.
تذكّر عزيزي صاحب العمل الحر، أن ملاحظات عملائك المتكررة هي علامة قوية جداً بأن التغيير و التحديث والتطوير مطلوب. و اذا كنت مثلاً مصممة أزياء لا يجب عليكي تلبية احتياج كل عميل. ولكن جمع الملاحظات المتكررة والاستفسارات والطلبات يعني أن هناك مساحة خصبة و كبيرة للتطوير والتجديد والابتكار.
كيف ترسم رحلة عميلك؟ ( بشكل مبدأي)
رسم رحلة العميل مفيد جداً لأصحاب العمل الحر المتخصصين في تقديم الخدمات بالاضافة الى المنتجات. و لكن قطاع الخدمات على وجه الخصوص، يتطلب احترافية وابتكار في تقديم أفضل رحلة و تجربة لكل عميل. لماذا استطاعت هنقرستيشن اكتساح سوق خدمات توصيل طلبات الطعام في المملكة العربية السعودية؟ و لماذا استطاع مرسول اكتساح سوق خدمات التوصيل عموماً في المملكة العربية السعودية. السبب هو رحلة العميل.
تميزت هنقرستيشن بسرعة ايصال طلبات الطعام، و تميزت مرسول بتوصيل طلباتك بأفضل الأسعار. فكّر في رحلة عميلك و ابتكر أفضل الطُرق لتجعل من رحلة عميلك تجربة سهلة وميسرة و ممتعة و مميزة. منذ اللحظة التي يجدك فيها الى اللحظة التي تصل إليه الخدمة كاملة وما بعد الخدمة أيضاً.
اسأل نفسك هذه الأسئلة:
- كيف يتعرّف عميلي على خدماتي\ منتجي؟
- ماهو انطباعه الأول الذي أرغب في أن يأخذه عني وعن خدمتي؟
- هل مظهر الإعلانات و صفحتي على الانترنت تتحدث مباشرة الى احتياج عميلي؟
- هل مواصفات المنتج \ الخدمة واضحة كفاية و جذابة كفاية؟
- ماهي الخطوة الأولى التي يفعلها العميل ليتواصل معي؟ ماذا بعد ذلك؟
- هل يوجد طريقة تجعل العميل لا يتردد مرتين و يشتري فوراً بعد السؤال؟
- كيف استطيع كسب ثقة العميل منذ اللحظة الأولى؟ هل سأقدّم له ضمانات مُعينة؟ أو مميزات مُختلفة عن منافسيني؟
- ماذا بعد البيع وتقديم الخدمة؟ كيف أُحفزّ عميلي ليعود لي مره أخرى؟
هذه الأسئلة حول رحلة عميلك هي جزء بسيط مما يجب عليك التفكير به أثناء رسم رحلة عميلك. يستخدم الرياديون طريقة الرسم و الخرائط الذهنية .يضعوها اما على سبورة كبيرة او على ورقة كبيرة تُساعدهم في استخدام الخيال و الأفكار الابداعية و مناقشة طُرق تنفيذها.
لا تتردد ابداً في رسم طريق عميلك بالتفصيل و كتابة كل الافكار التي تخطر ببالك. استخدم أحداً من اصدقائك و اجعله يخطو هذه الخطوات بنفسه واسأله عن انطباعه في كل خطوة. و تبادل معه الأفكار في طُرق التطوير والتحسين. تذكّر أن التحسن والتطوير غالباً لا يتطلب اموالاً طائلة. قد يتطلب منك استخدام بعض البرامج والتطبيقات التي تختصر الوقت و الجهد وتجعل من رحلة عميلك سهلة وميسرة.
كيف تصنع نموذج أولي للمُنتج و تختبر آراء عملائك؟
ننتقل الآن للفكرة الأهم. يُهمل العديد منّا اختبار المنتج و صناعة النموذج الأولي واختبار جودته. و أعتقد بأننا نُهمل هذا الجانب لأننا نستغرق وقت طويل جداً في صناعة المُنتج أصلاً. وبالتالي فإن اختباره قد تكون مرحلة غير ضرورية بالنسبة لنا.
من رأيي الشخصي النموذج الأولي يأتي بأشكال كثيرة ومُتعددة. في الجزء السابق ذكرت لكم أنني بدأت ورشة العمل ببث اون لاين قبل تسجيلها. و هذا يُعتبر بالنسبة لمُنتجي مرحلة اختبار. في هذه المرحلة تستطيع تقديم الخدمة أو المنتج بسعر رمزي أو بسعر قليل. و بذلك تختبر قدراتك على البيع وقدراتك على تنفيذ المنتج والخدمة بأفضل صورة ممكنة.
مرحلة اختبار المنتج هي مرحلة مهمة جداً و ترسم مُستقبل مشروعك. لا أعتقد أبداً أننا سنصل الى مرحلة يثبتْ فيها شكل المنتج أو الخدمة. فالتطور مهم وضروري. فكرة الثبات هي فكرة قديمة و ليست صالحة لهذا الزمن. التجارة هذه الأيام مُتجددة بشكل مستمر. و منافسيك على الأغلب في حالة من البحث المستمر على الطريقة الأفضل و المنتج الأحسن.
لنعود الى مثال مُصممة الأزياء. تستغرق المصممة ساعات طويلة في التصميم والتنفيذ لإخراج مجموعة من الملابس مناسبه لصيف أو شتاء السنة. في مجموعتها الأولى تُقدّم المصممة أفضل ماعندها في هذه المرحلة من مشروعها. و لكن بعد تنفيذ ١٥ مجموعة موديلات شتوية. ستملك المصممة خبرات وتجارب متراكمة وبالتالي هي تعرف عملائها حق المعرفة. و تعرف للسوق أكثر مما يعرف غيرها من المصممات.
في هذه المرحلة أنت تملك أقوى أصل في مشروعك، وهو المنتج. و الأصل هو ما يُطلق على أي شيء ملموس أو غير ملموس له القدرة على توليد الدخل. من أمثلة الأصول الملموسة المنتجات ومن أمثلة الأصول الغير ملموسة العلامة التجارية أو الاسم. و لكل أصل من هذه الأصول قيمة محسوبه بالمال. تستطيع بنائها واستخدامها لتوليد المزيد من الدخل.
ولأنك الان تملك المنتج الذي له القدرة على توليد الدخل لمشروعك. إذن انت في الطريق الصحيح للنمو طالما أنك تعرف أدواتك و تعرف كيف تبيع هذا المنتج لجلب لك المزيد من المال. و تذكّر أنك أثناء بناء مشروعك ستبني العديد من الأصول المدرة للدخل داخل مشروعك سواء خططت لها أم لم تُخطط لها.
بالنسبة لي مثلاً. انا أملك ورشة العمل “كيف تبني عمل حر مُربح؟”. كأحد أكبر الأصول الجالبة للدخل في مشروعي. بالاضافة الى ذلك، هذه المدونة و البودكاست و الانستقرام و القائمة البريدية تُعتبر أيضاً أحد الأدوات التي مع مرور الزمن ستكبر لتكون أصولاً جالبة للدخل الإضافي. مثال آخر، اسمك و علامتك التجارية. لا تتفاجأ من عدد الذين يرغبون بالتواصل معك و العمل معك لاستعارة اسمك واستعارة انتباه متابعيك. و لذلك نحنُ نصنع محتوى بشكل دائم ومستمر.
تذكّر: إن لم تتطور إذن أنت مُهدّد بالانقراض.
وأخيراً:
أتمنى أنني وُفقْت في شرح وطرح هذه السلسلة القصيرة. و التي حاولت أن تكون مفيدة و قيّمة بقد الإمكان. حتى تستطيع العودة لها متى ما تشاء لمتابعة عملك. اتمنى لك أيضاً عمل حر مُربح ومُثمر لنفسك شخصياً و لحياتك وحياة من حولك.