تعتقد بأنك لسْتَ بحاجة للعقود في المراحل الأولى من عملك الحر؟ أنت مخطئ.
قرّرت أن أبدأ التدوينة بهذا الجملة لأنني أعرف بأن كلمة “عقد” أو حتى استخدام العقود هو أمر مهيب ومُخيف. و خطوة قد لا ترغب بخوضها في بداياتك. خصوصاً في المراحل الأولى حين تبدأ تستقبل طلبات الخدمات الأولى لمشروعك الصغير. مهمتي هنا، هي مساعدتك في تعلُّم استخدام العقود. بالاضافة الى نموذج جاهز مجاني و معتمد من منصة العمل الحر السعودية . و سنتحدث عن أهمية العقود، و دورها في حفظ حقوقك، و استخداماتها في العمل الحر. لنبدأ إذن.
قصة واقعية:
إحدى عميلاتي مصممة أزياء. تستخدم أحدث البرامج والتطبيقات في عالم الأزياء. تطبيقات متوافقة مع معايير مصانع الملابس الجاهزة. طلبت منها إحدى العلامات التجارية الصغيرة، تصميم مجموعة ملابس رجالية بمواصفات معينة ومحددة. و تم الاتفاق شفهياً على استلام التصاميم مقابل مبلغ مالي تم الاتفاق عليه. انجزت المصممة العمل و عرضت التصاميم على العلامة التجارية. رفضت العلامة التجارية دفع المبلغ كاملاً للمصممة. و رفضت المصممة تسليم التصاميم لهم لعدم التزامهم بالاتفاق الشفهي. هل يبدو لك ذلك مألوفاً؟ هل مررت بتجربة مماثلة ولم تعرف كيف تتصرف؟
الكثير من الفريلانسرز لديهم مهارات عالية جداً مرغوبة ومطلوبة في السوق. ولكن للأسف تنتشر بعض الممارسات المسيئة لأصحاب العمل الحر. مثل عدم احترام الاتفاق الشفهي. أو استغلال المفاوضات لتخفيض الأسعار لأدنى مستوى مما يُجحف بحق ممارس العمل الحر. والحل لهذه المشكلة المتكررة كثيراً هي استخدام العقود الرسمية. لحفظ حقوقك و استقبال عملاء جادين ومستعدين فعلاً لخدماتك و اسعارك.
السؤال: لماذا يهرب العملاء بمجرد تقديم العقد؟
يشعر العديد من العملاء بالخطر أو بالاهانة بمجرد تقديم العقد لهم وسؤالهم التوقيع على بندوه. فكِّر في الأمر من وجهة نظرهم. يعتقد العميل دائماً بأن التُجّار و أصحاب العمل الحر استغلاليون. و هذه صورة نمطية ومعروفة، جميعنا نحتفظ بصورة منها في دواخلنا. خوفاً من أن نتعرض للاستغلال أو الخداع خصوصاً فيما يخص المقابل المادي. يدفعنا هذا الخوف لأن نرفض توقيع العقود، و نرفض تقديم المال بسهولة. حتى وإن كنّا بحاجة ماسة للخدمة. ولذلك نلجأ سريعاً لردة فعل دفاعية. ندافع عن حقوقنا وعن مشاعرنا و عن أنفسنا. و نُفضّل العمل على احتياجاتنا بأنفسنا. بدلاً من التعاقد مع شخص هو على الأغلب مخادع.
يجب أن لا نُهمل طريقة تفكير الطرف الآخر. وعلى هذا الأساس نبدأ في وضع استراتيجية للتعاقد بسيطة و سهلة. تجعل من تجربة التعاقد جيدة ومفيدة لكلا الطرفين. ولذلك لا تُقدّم العقد لعملائك إلا بعد الاتفاق الشفهي ما بين الأطراف. وحاول دائماً أن تجعل من متطلبات عميلك و حقوقه أولوية الحديث والاتفاق.
كيف تستخدم العقد لحفظ حقوقك؟
يتبادر الى ذهنك أحياناً بأن تقديم عقد للعميل سيكون أمر مُنفِّر. و بعدها يقرِّر عدم اتمام العمل معك. وقد يتبادر الى ذهنك أيضاً، أن عدم استخدام العقد هو من باب التسهيل على العملاء. ولكن أؤكد لك أن العميل الجاد سيوقع العقد فوراً و لن يضيع وقتك. وأنك باستخدام العقد تحترم عملك. و تُرغم الاخرين على احترام وقتك و موهبتك. و جديتك في تقديم أعمال مُتقنة وخدمات مميزة.
خُذْ في عين الاعتبار، تبسيط العقد بقدر الامكان. لا تجعل عميلك يقرأ صفحات وصفحات من عقد ونموذج جاهز و مطبوع كما هو بدون أي تعديل. و في نفس الوقت يجب أن لايكون بسيط جداً لدرجة أنه لا يبدو كعقد حقيقي.
خذ في عين الاعتبار الأمور التالية:
- حدد أولوياتك في العمل و ناقشها مع عملائك.
- مراعاة حقوق الطرف الآخر، وأن يُكتب العقد بعد الاتفاق الشفهي.
- يُكتب المبلغ مقابل الخدمة حسب الاتفاق.
- وصف كامل ودقيق لتفاصيل الخدمة و أخذ موافقة الطرف الآخر. مع مراعاة شرح البنود للعميل.
- كتابة تاريخ التسليم والاستلام. و عدد التعديلات المسموحة و قيمة الخدمات الاضافية إن وجد.
- استخدام شعار و هوية كلا الطرفين.
- تعبئة البيانات الرسمية للطرفين، مثل: رقم السجل التجاري أو رقم وثيقة العمل الحر ….الخ
عقود الأفراد تختلف عن عقود الشركات:
هناك اختلاف كبير جداً في هذين النوعين من العقود. قد يتطلب التعاقد مع الشركات استشارة محامي. و في المقابل فإن عقود الأفراد بسيطة و واضحة. ولا تحتاج الى نموذج مطوّل من الصفحات والتفاصيل. وعلى الرغم من أن الدين الاسلامي يحثنا دائماً على كتابة العقود لحفظ الحقوق. ما زال الكثير والكثير من الناس يهملونها، و يتعرّض البعض للظلم و الاجحاف بسبب اهمال العقود.
تعاقد الفريلانس مع عملاء أفراد، أو فريلانس آخر، أو شركة يختلف باختلاف متطلبات العمل، ومدة العقد، والمبلغ المُتفق عليه. كل ما كانت المدة أطول و المبلغ أكثر و حجم العميل أكبر، كل ما كانت العقود أكثر تعقيداً. و تُصبح الحاجة الى محامي ضرورة وليست رفاهية.
كُن دائماً مُستعد للإطلاع على العقود و قرائتها وتحليلها و التوقيع. و مطالبة الأطراف الأخرى بحقوقك. لأن هذه التجارب هي من متطلبات عملك ومشروعك. التي يجب أن تُثقف نفسك و تُعلّم نفسك كيفية التعامل معها. قد تكون مُخيفة و ستجد نفسك دائماً تتجنب الخوض فيها. و لكن كُن على يقين أن هذه الأمور هي أحد أهم متطلبات النمو لك شخصياً و لمشروعك. حصولك على عملاء بأعداد كبيرة و بأحجام مختلفة سواء كانوا أفراداً أو مؤسسات في القطاع الخاص أو حتى في القطاع الحكومي. يتطلب منك حتماً مواجهة هذه التحديات بقلب مفتوح وعقل مستعد للتعلم و لمواجهة جميع التحديات.
حقوق الملكية الفكرية و مذكرة عدم الإفصاح:
تتضمن بعض أنواع العقود حقوق فكرية، و هي تختص بالمصممين و الكُتاب و المبدعين. فإذا كُنْت أحد هذه الفئات لا تُهمل الاطلاع على بنود حفظ الملكية الفكرية و استخدمها في عقدك في حال شعرت أنك بحاجة الى حفظها. قد تحتاج الى الاستعانة بأحد المحامين المتخصصين في حقوق حفظ الملكية الفكرية أو بتصفح موقع الهيئة السعودية للملكية الفكرية.
أما عن مذكرة عدم الافصاح فغالباً تستخدمها الشركات والجهات الحكومية للحفاظ على سرية المعلومات. فالتعامل أحياناً مع الجهات التي تمتلك معلومات حصرية أو حملات اعلانية من طابع معين. يتطلب منك أو منهم التوقيع على سرية المعلومات. و من ناحية أخرى تُسْتخدم بنود عدم الإفصاح في عقود الموظفين. وذلك لأنهم الأقرب للمعلومات والأكثر اطلاعاً على اسرار العمل. لا تُهمل الاطلاع عليها و البحث عنها والتعلّم والاستفادة من مميزاتها.
عقد العمل الحر: نموذج جاهز
هذا النموذج تستطيع استخدامه للتعامل مع صاحب عمل حر اخر أو شركة أخرى. وهو عبارة عن ملف بصيغة الوورد. ميزة الإطلاع على هذا العقد هو سهولة التعديل والاضافة والحذف. وبامكانك ايضاً اخذ فكرة جيدة عن محتويات وبنود العقود الأساسية التي لا غنى عنها أي عقد مهما كان حجمه. نصيحتي، اطلع على العقد و ابدأ في التغيير والتعديل والمحاكاة بما يتناسب مع طبيعة مشروعك و متطلبات عملك. لا تستخدم العقد كما هو نسخ ولصق. بل اضف إليه طابعك الخاص وشعار مشروعك وتوقيعك الشخصي وبقية البيانات الأساسية لك و لعميلك.
التنبيهات/التعقيبات